حذر المحلل السياسي والأمني المتخصص في شؤون القرن الأفريقي آدم داود أحمد من انهيار المشروع الفيدرالي الهش في الصومال، بسبب ما وصفه بـ”المساعي الطموحة للرئيس حسن شيخ محمود لمركزة السلطة”، مؤكدا أن هذا التوجه يتعارض مع الطبيعة اللامركزية المتجذرة في المشهد السياسي الصومالي.
وقال داود أحمد إن المشروع الفيدرالي في الصومال يمر بأصعب اختبار له منذ تأسيسه عام 2012، مشيرا إلى أن الصراع بين الحكومة الفيدرالية والولايات الأعضاء — لا سيما بونتلاند وجوبالاند — بلغ مستوى غير مسبوق من التوتر، بعدما عجزت مقديشو عن إدارة علاقاتها الداخلية دون وساطة خارجية.
وأضاف أن لجوء الحكومة الصومالية إلى الحوار بوساطة دولية ليس تحولا تكتيكيا، بل “اعتراف علني بفشل نموذج الحكم الأحادي الذي تبناه الرئيس حسن شيخ محمود”، موضحا أن اعتماد مقديشو على الوساطة الخارجية “يمثل النتيجة المباشرة لاستراتيجية فاشلة ركزت السلطة في يد التنفيذية، وأضعفت ركائز الحكم الثلاث: الفيدرالية، والأمن، والإصلاح الانتخابي”.
وأشار إلى أن الأزمة تفجرت عقب تمرير تعديلات دستورية مثيرة للجدل في مارس 2024، رأتها الولايات الفيدرالية محاولة لتركيز السلطة في فيلا الصومال، مما دفع بونتلاند إلى إعلان استقلال إداري غير مسبوق، في خطوة هزت أسس النظام الفيدرالي.
وزادت الأزمة تعقيدا بعد إقدام مقديشو على ترسيخ إدارة “خاتومو” في منطقة سول المتنازع عليها، وهو ما اعتبرته بونتلاند استفزازا مباشرا. كما أدى النزاع السياسي إلى إضعاف حملة الحكومة ضد حركة الشباب، التي استعادت زمام المبادرة ميدانيا وشنت هجمات مضادة، من بينها تفجير استهدف موكب الرئيس قرب مقديشو.
وتابع داود أحمد أن الرئيس حسن شيخ محمود أخطأ مجددا بمحاولة فرض نموذج انتخابي أحادي يقوم على مبدأ “شخص واحد، صوت واحد”، رغم غياب الظروف الأمنية واللوجستية المناسبة، معتبرا أن الهدف الحقيقي هو تعزيز نفوذ السلطة التنفيذية قبل الانتخابات المقبلة.
كما نسبت إلى الحكومة اتهامات بالفساد وسوء إدارة الأراضي العامة، ما زاد من تآكل ثقة المواطنين وأشعل استياء شعبيا في عدة ولايات.
وبحسب الخبير، فقد ساهمت الوساطة الإقليمية التي تقودها الإمارات وكينيا في إعادة فتح قنوات الحوار بين الحكومة المركزية والولايات، لكن من موقع ضعف لمقديشو، بعد أن توحدت بونتلاند وجوبالاند في موقف تفاوضي مشترك.
واختتم داود أحمد تحليله بالقول:
“الصومال أمام مفترق طرق حاسم. إما أن يقبل الرئيس حسن شيخ محمود بإعادة توازن حقيقية للسلطة وتوزيع الموارد بشكل عادل، أو أن يخاطر بانهيار الاتحاد الفيدرالي كليا. الحوار الجاري ليس مجرد وساطة، بل اختبار لسيادة الدولة ومستقبلها ككيان موحد.”










