أفادت مصادر متطابقة داخل القصرين الرئاسيين في بوركينا فاسو بأن الخلاف بين الرئيس إبراهيم تراوري والزعيم المالي أسيمي غويتا أصبح الآن كاملًا، حيث أعلن المجلس العسكري البوركيني قطع جميع الاتصالات مع نظيره المالي، متهمًا غويتا بالحفاظ على قنوات تفاوض مع الجماعات الإرهابية المسلحة.
وقد تجلى هذا الخلاف بوضوح خلال الأسابيع الأخيرة، من خلال رفض إبراهيم تراوري تقديم أي دعم عسكري لقافلة شاحنات الصهاريج المخصصة لتزويد مالي بالوقود، في خطوة اعتُبرت مؤشرًا على تصعيد التوتر بين النظامين العسكريين.
وحاول الجنرال عبد الرحمن تياني من النيجر الشهر الماضي القيام بوساطة سريعة بين الزعيمين، لكن المبادرة لم تكلل بالنجاح، وهو ما يعكس صعوبة التوصل إلى حل قريب للأزمة بين بوركينا فاسو ومالي.
ويأتي هذا الخلاف في وقت تشهد فيه منطقة الساحل توترات أمنية متزايدة، ما يثير المخاوف من تأثير النزاع بين العواصم العسكرية على الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب وضمان الاستقرار.
تهديد بانهيار “تحالف دول الساحل”
الخلاف الحالي بين إبراهيم تراوري وأسيمي غويتا ليس مجرد نزاع بين شخصين، بل يهدد بتقويض الهيكل الأمني والدبلوماسي الذي بُني في منطقة الساحل مؤخراً:
- تأسيس تحالف دول الساحل (AES)
الهدف المشترك: وقع غويتا وتراوري والجنرال تياني (من النيجر) ميثاق تأسيس “تحالف دول الساحل” (Alliance of Sahel States – AES) في سبتمبر 2023. كان الهدف المعلن هو إنشاء بنية دفاع جماعي ومساعدة متبادلة لمواجهة الإرهاب، بعيداً عن التدخلات الغربية (خاصة الفرنسية) وتحدياً لـ “إيكواس” (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا).
الخلفية الأيديولوجية: يتقارب الزعيمان في التوجهات السياسية، حيث صعدا للحكم عبر انقلابات عسكرية معلنة عن التحرر من “الوصاية الخارجية” والتوجه نحو تنويع الشراكات (مثل روسيا).
- طبيعة الخلاف الحالية وتأثيره على التنسيق
اتهام خطير: اتهام بوركينا فاسو لغويتا بـ “الحفاظ على قنوات تفاوض مع الجماعات الإرهابية المسلحة” يضرب في صميم الهدف المعلن للتحالف، وهو المكافحة المشتركة للإرهاب. هذا الاتهام قد يعكس اختلافاً في استراتيجيات التعامل مع التهديدات الأمنية.
القطع اللوجستي: رفض تراوري تقديم الدعم العسكري لقافلة الوقود المخصصة لمالي هو مؤشر عملي على انهيار التنسيق اللوجستي والأمني داخل التحالف، الذي كان يهدف إلى إنشاء غرفة عمليات مشتركة وتنسيق أمني حدودي وتبادل استخباراتي مباشر.
دلالات الوساطة الفاشلة: فشل وساطة النيجر يؤكد عمق الخلاف وعدم قابلية الطرفين للحلول الوسطى حالياً، مما يترك المنطقة في حالة انقسام أمني غير مسبوق بعد فترة قصيرة من إعلان الوحدة.
- التداعيات المحتملة
تفاقم الأوضاع الأمنية: قد يؤدي تفكك التعاون الأمني إلى تدهور جهود مكافحة الإرهاب، خاصة أن الدول الثلاث تعاني من تحديات أمنية متماثلة ومترابطة.
اهتزاز التحالف: يواجه تحالف دول الساحل أول اختبار حقيقي له، وقد يؤدي هذا الخلاف إلى تفكيك هذه البنية الدفاعية الوليدة، مما يفتح الباب لتساؤلات حول استمرار التوجهات السيادية التي سعى إليها قادة الانقلابات.










