بعد 30 عامًا على اغتيال إسحاق رابين… ذكرى تعيد مفهوم السلام الغائب فى الشرق الاوسط
بعد مرور 30 عامًا على اغتيال إسحاق رابين، ما زال إرثه السياسي يثير الجدل بين دعاة السلام ومعارضيه في إسرائيل، بينما تستعيد الذكرى جرحًا مفتوحًا في تاريخ المنطقة ومسار السلام المتعثر.
قبل ثلاثة عقود، في مثل هذا اليوم من عام 1995، دوّى الرصاص في ساحة “ملوك إسرائيل” في تل أبيب – التي تحمل اليوم اسم “ميدان رابين” – ليُنهي حياة رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، على يد المتطرف اليميني اليهودي يغئال عمير، بينما كان يشارك في تظاهرة جماهيرية تدعو إلى السلام.
كان رابين قد اتخذ قرارًا تاريخيًا بقبول مبدأ التنازل عن أجزاء من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 لصالح منظمة التحرير الفلسطينية مقابل السلام، في إطار مفاوضات اتفاقات أوسلو. هذه الاتفاقات – التي مثلت حينها بارقة أمل – كانت تهدف إلى وضع أسس لحلّ الدولتين وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بحلول عام 1999.
لكن رصاص عمير لم يقتل رجلًا فحسب، بل أصاب أيضًا مسار السلام في مقتل. فقد كان رابين يستعد لمغادرة التظاهرة التي شارك فيها أكثر من مئة ألف شخص، عندما اخترقت الرصاصات ظهره. نُقل إلى مستشفى “إيخيلوف” في تل أبيب وخضع لعملية جراحية عاجلة، لكنه فارق الحياة بعد وقت قصير.
التحقيقات كشفت أن الجاني خطط لاغتياله ثلاث مرات من قبل، بمشاركة شقيقه وصديق له، قبل أن يتمكن من تنفيذ جريمته في تلك الليلة التي غيّرت وجه المنطقة. وقد حُكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة القتل والتآمر.
رابين كان خامس رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل، وتولى المنصب مرتين، من 1974 إلى 1977، ثم من 1992 حتى اغتياله. مسيرته العسكرية والسياسية كانت مليئة بالمفارقات؛ فقد قاد الجيش الإسرائيلي في حرب 1967، وتلقى لاحقًا دكتوراه فخرية من الجامعة العبرية في القدس تقديرًا لقيادته خلال تلك الحرب، لكنه اختتم حياته كـ”رجل سلام” بعدما وقّع اتفاق أوسلو. كما أمر خلال ولايته الأولى بعملية “عنتيبي” الشهيرة لإنقاذ رهائن إسرائيليين في أوغندا، ونال جائزة نوبل للسلام عام 1994، قبل عام واحد فقط من اغتياله.
وخلال إحياء الذكرى الثلاثين لاغتياله مساء أمس، ألقى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ كلمة أشار فيها إلى “التحولات العميقة التي تشهدها المنطقة”، مؤكدًا أن إنجازات إسرائيل وتحالفها الوثيق مع الولايات المتحدة، “خصوصًا في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”، فتحت آفاقًا جديدة لتوسيع دوائر التطبيع والسلام في الشرق الأوسط. وأضاف:
“هذه هي، من نواحٍ كثيرة، تجسيدٌ لرؤية رابين”.
وتابع هرتسوغ قائلاً:
“إسرائيل كانت دائمًا تسعى إلى السلام مع جيرانها، كما فعل رابين، وعلينا أن نواصل هذا الطريق. لكن تحقيق السلام لا يعتمد علينا وحدنا، بل على استعداد جيراننا – وخاصة الفلسطينيين – للاعتراف بحقنا في هذه الأرض، ونبذ طريق الإرهاب الذي لم ولن يهزمنا”.
وختم الرئيس الإسرائيلي بدعوة الفلسطينيين إلى الالتزام الكامل ببنود الاتفاقات التي تم التوصل إليها بوساطة أمريكية، والعمل على إعادة جميع الرهائن والمفقودين، معتبرًا أن ذلك يشكل “الاختبار الحقيقي للإرادة السياسية في بناء مستقبل آمن للطرفين”.










