أكد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، خلال زيارته الحالية إلى روما والاجتماع مع البابا ليون الرابع عشر، أن حل الدولتين يظل حجر الزاوية للمشروع الوطني الفلسطيني والشرعية الدولية، ويتيح للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي العيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمن مستدامين.
وأشار عباس في مقابلة مع صحيفة “لا ستامبا” إلى أن السلطة الفلسطينية تبنت هذا النهج منذ أكثر من ثلاثين عامًا، معترفةً بحق إسرائيل في الوجود وفق اتفاقيات أوسلو 1993، وموافقة على قيام الدولة الفلسطينية على كل الأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
ورغم استمرار الاحتلال، وتوسع المستوطنات، والاعتداءات المتكررة، شدد عباس على أن الالتزام الفلسطيني بالسلام لم يتغير، في حين تراجع الالتزام الإسرائيلي منذ اغتيال رئيس الوزراء إسحاق رابين، حيث ابتعدت جميع الحكومات المتعاقبة عن طريق السلام. وأضاف عباس: “مع ذلك، ما زلنا نمد اليد للسلام، لأن السلام وليس الهيمنة يجب أن يسود، لصالح الأجيال الحالية والمقبلة.”
وعن الأوضاع الداخلية في إسرائيل، أشار عباس إلى وجود صراع بين المواطنين الشجعان الذين يطالبون بإنهاء الاحتلال، والحكومة المتطرفة مع مجموعات المستوطنين التي تدفع البلاد نحو العنصرية والفصل العنصري. وأوضح أن التعاون يتطلب طرفين يحترمان القانون الدولي، مؤكّدًا أن سياسات إسرائيل تجاه المستوطنات والقرارات الأحادية والانتهاكات المستمرة تعزلها عن المفاوضات.
وفيما يخص خطة الرئيس الأمريكي السابق ترامب، قال عباس: “نقدر جهوده في دعم وقف إطلاق النار والسعي للسلام، لكن المطلوب الآن هو تثبيت الهدنة، إطلاق جميع الرهائن والسجناء، وتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لمعالجة أزمة الغذاء في غزة”. وأضاف أن تسليم جميع الفصائل أسلحتها للدولة الفلسطينية ضروري لضمان وجود سلطة واحدة وقانون وشرطة في غزة، مع السماح بنشر قوة دولية تابعة للأمم المتحدة لدعم الأمن الفلسطيني، مع الحفاظ على السيادة الفلسطينية ووحدة المؤسسات مع الضفة الغربية.
وحول الإدارة المدنية في غزة، أشار عباس إلى أن 70 ألف موظف فلسطيني يتقاضون رواتبهم بانتظام، وأن مؤسسات السلطة الفلسطينية موجودة على الأرض، إلا أن الاحتلال يمنع تحقيق الحرية والاستقلال الفعليين. وأوضح أن عملية الانتقال تتطلب جدولة دقيقة لدعم السلطة الفلسطينية، وضمان السيادة على غزة، وربطها بالضفة الغربية في إطار قانوني ومؤسسي واحد متوافق مع حل الدولتين.
وعن البعد الإقليمي، شدد عباس على أن الوحدة العربية حول القضية الفلسطينية أقوى من أي وقت مضى، مشيرًا إلى الدور الحاسم للجنة الوزارية العربية-الإسلامية برئاسة السعودية وبدعم مصر والأردن وقطر والإمارات وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وباكستان والجزائر في مجلس الأمن، إلى جانب الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، في تشكيل تحالف دولي يدعم حل الدولتين ويعترف بفلسطين.
وبخصوص أحداث أكتوبر الأخيرة في غزة، أوضح عباس أن الأسلحة خارج نطاق الشرعية الوطنية تسبب الدمار فقط، داعيًا إلى نزع سلاح جميع الفصائل بما فيها حماس، كخيار فلسطيني داخلي لإعادة بناء الوطن وضمان وحدة غزة والضفة تحت حكومة واحدة وقانون واحد وسلطة أمنية واحدة. وشدد على أن انسحاب إسرائيل، إنهاء الاحتلال، وتحقيق الاستقلال هي مطالب فلسطينية ودولية لا يمكن تجاوزها.
وعن دور إيطاليا، وصف عباس البلاد بأنها صديق تاريخي لفلسطين وصوت مؤثر في أوروبا والبحر المتوسط، مثمنًا المساعدات الإنسانية والدعم في تدريب الشرطة الفلسطينية والمشاركة في مراقبة معبر رفح، ومتمنيًا أن تواصل إيطاليا دعم الأمن والاستقرار وإعادة الإعمار، والانضمام إلى الدول الأوروبية التي تعترف بفلسطين.
وفيما يخص المستقبل السياسي الداخلي، أعلن عباس أنه في حال استمرار الهدنة، سيتم إجراء الانتخابات العامة والرئاسية خلال عام من انتهاء الحرب، مؤكدًا أن التحضيرات جارية وفق دستور مؤقت وقانون جديد للأحزاب يقيّد الترشح لمن يلتزم بحل الدولتين، لضمان تجديد مؤسسات الدولة الفلسطينية على أسس ديمقراطية وضمن انتقال سلمي للسلطة تحت إشراف دولي كامل يشمل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.










