في خضم التطورات الإقليمية المتسارعة التي تشهدها سوريا، خاصة مع الاستعدادات لزيارة الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع إلى البيت الأبيض، وجه عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، رسالتين حاسمتين إلى الرئيس التركي أردوغان وحليفه بهجلي والدولة التركية، عبر ابن أخيه ونائب حزب الديمقراطيين، عمر أوجلان.
شروط أوجلان حول الأزمة السورية
تلخص الرسالتان موقف حزب العمال الكردستاني (PKK) تجاه مسار الأحداث في سوريا، ووضعتا شرطا ضمنيا لأي “حل” أو “سلام” مستقبلي مع أنقرة:
عدم التدخل في الشؤون السورية: أكد أوجلان على ضرورة “حل القضية السورية مع سوريا”، داعيا تركيا إلى “التعامل مع سوريا بحساسية أكبر، كونها دولة مستقلة. وينبغي لها ألا تتدخل كثيرا في شؤونها الداخلية”.
التفاوض مع قادة قسد: طالب أوجلان أنقرة بالتحدث مع القيادات الكردية بدلا من التعامل مع حكومة دمشق الجديدة، قائلا: “إذا أردنا تطوير العلاقات، فهناك مسؤولون وسياسيون وقادة أكراد. بدلا من أحمد الشرع، يمكن إجراء المحادثات مع مظلوم كوباني أو إلهام أحمد”.
يشير هذا الطلب في التحليل النهائي إلى أن شرط حزب العمال الكردستاني للسلام/الحل مع تركيا هو الاعتراف باستقلال قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في سوريا.
تزامن الرسائل مع تحركات واشنطن والشرع
تأتي هذه الرسائل في وقت حرج، حيث يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستضافة أحمد الشرع في البيت الأبيض في 10 نوفمبر. هذه الزيارة لها أبعاد إقليمية ودولية ضخمة:
التطبيع مع إسرائيل: يريد ترامب من الشرع تطبيع العلاقات مع إسرائيل بحلول نهاية العام، وهو أمر حيوي لـ “النظام الجديد في الشرق الأوسط” الذي تسعى الولايات المتحدة لتشييده.
رفع العقوبات: استخدمت واشنطن ورقة العقوبات لفرض مطالبها، حيث طلبت من مجلس الأمن رفع العقوبات عن الشرع ووزير الداخلية السوري حطاب، كشرط مسبق للزيارة، وقد لبي الطلب.
قاعدة أمريكية جديدة في دمشق واحتلال إسرائيلي
تتزامن هذه التطورات مع خطوة أمريكية جديدة في سوريا، وهي إنشاء قاعدة في قاعدة المزة الجوية بدمشق. تخدم هذه القاعدة ثلاثة أهداف أمريكية رئيسية، أبرزها: مراقبة عدم الاعتداء بين إسرائيل وسوريا، والضغط المستمر على إدارة دمشق.
يأتي هذا الإجراء رغم أن إسرائيل قوة احتلال في سوريا، حيث استغلت فرصة الإطاحة ببشار الأسد واحتلت أراض جديدة في جنوب سوريا، تتجاوز مساحتها 400 كيلومتر مربع وتضم الآن 10 قواعد عسكرية إسرائيلية. تطالب واشنطن الشرع بالتطبيع مع إسرائيل رغم هذا الاحتلال.
ورقة قسد للضغط على الشرع
وفي سياق متصل، أدلى قادة في قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بتصريحات قبل زيارة الشرع لواشنطن، كان أبرز ما فيها أن “الحرب مع دمشق وشيكة”. ويرى محللون أن هذه التصريحات بمثابة “عصا” يلوح بها المركز الأمريكي، لإجبار الشرع على تقديم تنازلات في البيت الأبيض، تحت تهديد وحدات حماية الشعب/قسد.
يعد التناقض بين الموقف التركي الذي يدفع نحو “سوريا موحدة” (مع الشرع) والموقف الأمريكي الذي يدافع عن استقلالية قسد (ويصيغه بـ “قريبة من الاتحاد”)، عاملا أساسيا يؤثر على عملية الانفتاح التركي، حيث يطالب أوجلان بـ “حكم ذاتي/دولة” في سوريا، رغم تخليه عن مطالبات مماثلة في تركيا.










