تسربت تفاصيل خطة الولايات المتحدة وإسرائيل لتقسيم غزة إلى منطقتين: واحدة تحت السيطرة الإسرائيلية وأخرى لحماس، وسط تحفظات عربية واسعة بشأن الاحتلال وإدارة قوة حفظ السلام، وتفاصيل إعادة الإعمار ومخاطر الأمن.
تل أبيب – كشفت تقارير إسرائيلية وأمريكية، الجمعة، أن الولايات المتحدة وإسرائيل يدرسان خطة لتقسيم قطاع غزة إلى منطقتين، تسيطر على إحداهما الجيش الإسرائيلي وتتم فيها عمليات إعادة الإعمار، بينما تظل المنطقة الأخرى تحت سيطرة حركة حماس. وتأتي هذه الخطة ضمن جهود لإضعاف نفوذ الحركة وضمان نزع سلاحها، في وقت أعربت فيه دول عربية عن تحفظات واسعة بشأنها.
تقسيم القطاع وخطة إعادة الإعمار
ذكرت صحيفة هآرتس العبرية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق على تقسيم القطاع إلى “غزة الجديدة” و”غزة القديمة”. ستكون غزة الجديدة مشمولة بإعادة الإعمار بعد الدمار الذي خلفه الجيش الإسرائيلي خلال عامَي القصف المكثف، بينما ستظل غزة القديمة خارج نطاق إعادة الإعمار.
وأشار التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي دمر نحو 90% من البنى التحتية في القطاع، بخسائر تقدر بـ70 مليار دولار، إضافة إلى انهيار مؤسسات الخدمات الأساسية وتوقفها عن العمل بسبب الهجمات والحصار.
وفق الخطة، ستكون “غزة الجديدة” تحت إشراف الجيش الإسرائيلي شرق “الخط الأصفر”، الذي انسحبت إليه القوات وفق اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وستتم إعادة إعمار مدينة رفح أولاً، ثم المناطق الأخرى شرق الخط الأصفر، بما في ذلك شمال القطاع، على أن ينسحب الجيش لاحقاً. وستتولى قوة دولية إدارة غزة الجديدة بعد الانسحاب.

“جدار برلين غزة”
ووصف مصدر عسكري إسرائيلي الخط الأصفر بأنه قد يتحول إلى “جدار برلين غزة”، في إشارة إلى تقسيم العاصمة الألمانية سابقاً وما خلفه من آثار نفسية واجتماعية على السكان. وأشار التقرير إلى أن الخطة بلا جدول زمني محدد، وأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لم تُشرك في صياغتها، مما أثار قلقاً واسعاً داخل الأجهزة الأمنية.
تحفظات الدول العربية
وفق وول ستريت جورنال،طالبت الدول العربية أن يترك للسلطة الفلسطينية مهمة إدارة غزة فى وجود قوة حفظ السلام، بينما يعارض نتنياهو هذا المبدأ بشكل قاطع. وأوضح مصدر إماراتي أن الإمارات والسعودية لن ترسل قوات بدون مشاركة السلطة الفلسطينية، مؤكداً أن الإدارة الأمريكية تدرك أن الحل الوحيد لغزة هو إشراك السلطة، لكن إسرائيل ترفض ذلك.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض الدول العربية ترى أن تقسيم غزة سيؤدي إلى احتلال إسرائيلي كامل للقطاع، وهو ما يجعل مشاركتها في قوة حفظ السلام غير ممكنة بموجب الخطة المقترحة.
سيطرة إسرائيل ومخاطر أمنية
الخطة المدعومة من جاريد كوشنر تهدف إلى توسيع سيطرة إسرائيل تدريجياً في المناطق الواقعة شرق الخط الأصفر لتعزيز نفوذها وتقليص قدرة حماس. كما تتضمن إعادة بناء المناطق التي لم تسيطر عليها حماس، على أمل تحسين ظروف المعيشة لسكان غزة وتقديم نموذج لمستقبل من دون سيطرة الحركة.
ومع ذلك، هناك مخاوف حول كيفية منع عناصر حماس من دخول المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية وتنفيذ هجمات من الداخل، وقد اقترحت الإدارة الأمريكية وضع نظام رقابي تحت إشراف الجيش الإسرائيلي للتحقق من هوية الداخلين.
غموض حول غزة القديمة
تظل غزة القديمة تحت سيطرة حماس، ولم يبد الجيش الإسرائيلي استعداداً للإشراف على نقل السكان إليها بعد إعادة الإعمار، وهو ما أدى إلى شعور كبير بالإحباط داخل المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية.
الجولة الدبلوماسية الأمريكية
تتزامن هذه التطورات مع جولة دبلوماسية أمريكية في إسرائيل، بقيادة كوشنر والمبعوث ستيف ويتكوف، ومن المقرر أن يصل وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى تل أبيب الخميس لمتابعة المباحثات.
وتشير التقارير إلى أن الخطة الأمريكية الإسرائيلية لا تزال أولية، وأن مزيداً من التفاصيل سيُعلن عنها في الأيام المقبلة، مع استمرار النقاش حول إعادة الإعمار والسيطرة على السكان وإشراك السلطة الفلسطينية.










