نقلت واشنطن أكبر حاملة طائرات في العالم إلى سواحل فنزويلا، في تصعيد عسكري يثير المخاوف من تدخل أمريكي أو انقلاب محتمل، وسط رفض مادورو واستمرار الانقسامات داخل المعارضة.
واشنطن – عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري قرب فنزويلا بنقل أكبر حاملة طائرات في العالم، USS Gerald R. Ford، إلى المنطقة، بعد أشهر من تقارير عن ضربات جوية استهدفت زوارق يُزعم أنها تستخدم في تهريب المخدرات في الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي. ويرى خبراء أن هذه الخطوة تهدف إلى ترهيب الحكومة الفنزويلية أو خلق ظروف قد تؤدي إلى انقلاب في البلاد.
يصف الجنرال والمتخصص في السياسة اللاتينية، جنارو أبراهام، هذه التحركات بأنها تصعيد قسري يوسع قدرة البنتاغون على مراقبة الضربات ضد فنزويلا، ويضع الضربات الجوية، نشر الطائرات بدون طيار، والعمليات السرية ضمن خيارات السياسة الأمريكية. وأضاف: “وجود مجموعة ضاربة من حاملات الطائرات يوسع بشكل كبير قدرة الولايات المتحدة على الاستطلاع والهجوم على الأراضي الفنزويلية، لذلك لا يمكن النظر إليه كرمزية فقط”.
ويشير أبراهام إلى أن إدارة ترامب اعتادت إصدار تهديدات ملموسة لتحقيق أهدافها في السياسة الخارجية، عبر عرض القوة، وملاحظة ردود الدول والأسواق، ثم تحديد كيفية التصعيد إذا لزم الأمر. ويصف وجود حاملة الطائرات بأنه خطر عسكري ومسرح سياسي في آن واحد، يهدف للضغط على كراكاس واختبار النظام الدولي.

حشد عسكري أمريكي ضخم
تعد حاملة الطائرات USS Gerald R. Ford جزءًا من أكبر حشد عسكري أمريكي قرب فنزويلا منذ عقود، ويشمل ذلك الغواصة النووية USS Newport News، وطائرات F-35 المقاتلة، وعدداً من السفن الحربية الأخرى، في إطار ما أطلق عليه مسؤولون أمريكيون “عملية الرمح الجنوبي”.
ويأتي هذا التصعيد بعد نحو 21 ضربة جوية على زوارق يُزعم أنها تهريب مخدرات منذ سبتمبر، أسفرت عن أكثر من 80 حالة وفاة وإصابات عديدة، من دون تقديم واشنطن أي دليل على التهريب أو التهديد المباشر. ويؤكد خبراء القانون أن هذه الضربات قد تُعد قتلًا خارج نطاق القانون.
ويرى فيليب جنسون، محلل فنزويلي لدى مجموعة الأزمات الدولية، أن الهدف من نشر حاملة الطائرات هو إقناع مادورو بالاستقالة أو دفع الجيش لتنظيم انقلاب، كما يمنح ترامب خيارات واسعة إذا قرر تنفيذ ضربات محدودة. وأضاف: “قد تكون هذه الخطوة أيضًا جزءًا من استراتيجية أكبر لتعزيز الهيمنة الأمريكية في نصف الكرة الغربي، وفقًا لمفهوم منطقة النفوذ الأمريكية المعروف بـ ‘فناء البيت الخلفي’”.
الرسالة السياسية والعسكرية
يُنظر إلى وجود الحاملة ليس فقط كتهديد عسكري، بل كأداة ضغط على الرأي العام الفنزويلي. يوضح أبراهام: “إذا اقتنعت بعض قطاعات المعارضة بأن التدخل الأمريكي وشيك، فقد يزيدون من النشاط المحلي لإحداث تغيير داخلي في النظام”. ويضيف: “ما يبدو كإجراء منفرد – وضع حاملة الطائرات قبالة السواحل – هو في الواقع محاولة لممارسة الضغط من أعلى ومن داخل المجتمع المحلي في آن واحد”.
موقف مادورو والمعارضة
من جانبه، يظل الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو مصرًا على المقاومة ضد أي تدخل أمريكي، داعيًا للسلام ورافضًا “حربًا مجنونة”، ومؤكدًا استعداده للدفاع عن بلاده. في المقابل، تنقسم المعارضة بين دعوات لتدخل أمريكي محدود، وأخرى تحذر من مخاطر التدخل، معتبرة أن الحلول التفاوضية هي السبيل لحماية البلاد.
ويشير محللون إلى أن أي تصعيد أمريكي قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والفوضى الأمنية في فنزويلا، ويحول الحملة الأمريكية ضد المخدرات إلى تهديد مباشر للسكان المحليين. كما أن العسكريين الأمريكيين قد يواجهون تحديات ضخمة إذا حاولوا تنفيذ عمليات محدودة مثل ضرب قواعد أو بنى تحتية حكومية، أو حتى مهاجمة مطارات نائية أو منشآت مرتبطة بالمخدرات.
يشكل التواجد العسكري الأمريكي قرب فنزويلا رسالة صارمة بلا تنازل للحكومات في أمريكا اللاتينية، ويُستخدم كأداة ضغط على مادورو والمعارضة معاً. ويشير المحللون إلى أن أي خطوة يتخذها ترامب، سواء نفذت ضربات محدودة أو سعى لدعم انقلاب، تنطوي على مخاطر كبيرة تهدد الاستقرار الداخلي في فنزويلا وتؤثر على مصداقية السياسة الأمريكية في المنطقة










