تحولت قصة الرياضي الكندي السابق رايان ويدينغ إلى واحدة من أكثر القضايا الجنائية إثارة للجدل خلال السنوات الأخيرة، بعدما أصبح – وفقا للسلطات الأمريكية والكندية – هدفا لواحدة من أكبر عمليات الملاحقة الدولية.
وتصفه جهات إنفاذ القانون، وعلى رأسها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، بأنه أحد أخطر المطلوبين على مستوى العالم، ورصدت مقابل معلومات تؤدي للقبض علي رايان ويدينغ مكافأة ضخمة بلغت 15 مليون دولار.
وتشير التقديرات إلى أن قضية رايان ويدينغ قد تتحول مستقبلا إلى فيلم سينمائي، بالنظر إلى مسار حياة ويدينغ الدراماتيكي الذي انتقل – بحسب الرواية الرسمية – من متزلج أولمبي إلى متهم بقيادة شبكات تهريب مخدرات عابرة للحدود.
من الثلج الرياضي إلى “الثلج” غير القانوني
ولد ويدينغ في كندا قبل نحو 44 عاما، ووصل إلى ذروة مسيرته الرياضية خلال مشاركته في الألعاب الأولمبية الشتوية 2002 في سولت ليك سيتي، حيث نافس في سباق التعرج العملاق المتوازي ضمن المنتخب الكندي للتزلج على الجليد.
ومع أن مسيرة رايان ويدينغ لم تتوج بميداليات، فإن اسمه كان حاضرا في المجال الرياضي قبل أن يتحول لاحقا – بحسب سجلات جهات التحقيق – إلى عالم مختلف تماما.
وبدأت أولى القضايا المرتبطة بـ رايان ويدينغ عندما اعتقل في كاليفورنيا عام 2008 خلال محاولة لشراء كميات من الكوكايين، وهي قضية انتهت بصدور حكم قضائي عليه بالسجن قرابة ثلاث سنوات.
الملاحقة الكبرى منذ 2015
في عام 2015، وجهت الشرطة الكندية لويدينغ اتهامات في قضية كبرى تتعلق بتهريب الكوكايين في مونتريال. ووفقا للشرطة، لم يحتجز حينها، قبل أن يختفي عن الأنظار لاحقا ويعتقد أنه فر إلى المكسيك.
ومنذ ذلك الحين، تصفه وزارة العدل الأمريكية بأنه هارب دولي، وتؤكد أن المعلومات المتاحة تشير إلى وجوده داخل الأراضي المكسيكية تحت حماية عناصر من كارتل سينالوا، أحد أشهر التنظيمات الإجرامية في العالم. وتقول السلطات إن تلك الحماية ساعدته في الإفلات من عدة محاولات للقبض عليه.
شبهات حول شبكة تهريب هائلة
تنسب إلى ويدينغ – بحسب لوائح الاتهام الرسمية – قيادة شبكة تعمل في تهريب كميات ضخمة من المخدرات، على رأسها الكوكايين، إلى الولايات المتحدة. وذكرت المدعية العامة الأمريكية بام بوندي أن ويدينغ يشتبه في أنه من أكبر مهربي الكوكايين المرتبطين بكندا، وأن منظمته تعد “واحدة من الأكثر انتشارا وعنفا”.
ويقدر مسؤولون أمريكيون أن شبكته تستورد سنويا ما يصل إلى 60 طنا من الكوكايين إلى لوس أنجلوس، إلى جانب نشاط محتمل في تهريب الفنتانيل والهيروين والميثامفيتامين، وهي اتهامات لم يتم البت فيها قضائيا حتى الآن.
ووصل الأمر إلى حد تشبيه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كاس باتيل، ويدينغ بشخصيات بارزة في عالم التهريب مثل بابلو إسكوبار وخواكين “إل تشابو” غوزمان، علما بأن ذلك يبقى في إطار توصيفات رسمية تستند لملفات الاتهام.
اتهامات أخطر: جرائم قتل وشاهد محمي
وتشير التحقيقات الأمريكية إلى شبهات حول تورط ويدينغ في قضايا قتل متعددة في الولايات المتحدة وكندا وأمريكا اللاتينية، بينها – وفقا للسجلات القضائية – اتهام بأنه أمر بقتل شاهد محمي كان على وشك الإدلاء بشهادته ضده.
وقد وقع ذلك الحادث في أحد مطاعم مدينة ميديلين الكولومبية، مسقط رأس إسكوبار. وتظهر سجلات المحققين أن تعقب الشاهد تم عبر موقع إلكتروني كندي نشر صوره.
وخلال الأسبوع نفسه، أعلنت السلطات اعتقال عشرة أشخاص على صلة بالقضية، بينهم سبعة كنديين في أونتاريو، إضافة إلى محاميه السابق ديباك بارادكار، الذي تتهمه التحقيقات – بحسب الادعاء – بتقديم نصيحة لويدينغ تتعلق بالشاهد، وهي تهمة ينفيها محاموه.
ضمن قائمة “العشرة الأخطر”
في مارس 2025، أدرج مكتب التحقيقات الفيدرالي اسم ويدينغ رسميا على قائمة أخطر عشرة مطلوبين في الولايات المتحدة، وهي قائمة لا تمنح إلا لأكثر الأشخاص المطلوبين خطورة في القضايا الفيدرالية.
وتكرر وزارة الخارجية الأمريكية التأكيد على عزمها ملاحقته، قائلة:”لا أحد فوق القانون، حتى لو كان رياضيا أولمبيا سابقا.”










