تبدو السعودية وكأنها خففت بهدوء بعض القيود على الوصول إلى المشروبات الكحولية “الخمور” عبر السماح لغير المسلمين من حاملي الإقامة المميزة بشراء الكحول من منفذ بيع داخل الحي الدبلوماسي في الرياض كان مخصصا سابقا للدبلوماسيين فقط، وذلك وفق روايات متطابقة تداولتها مصادر مطلعة ووسائل عربية نقلا عن تقرير لمنصة سيمافور.
ولم يصدر إعلان رسمي يؤكد أو يشرح الإطار التنظيمي الجديد، فيما أشارت تقارير إلى أن المستجدات تسربت للزبائن عبر تناقل الأخبار شفهيا مع امتناع الجهات المعنية عن التعليق الفوري.
منفذ بيع الكحول في الحي الدبلوماسي
تفيد المعلومات أن منفذ بيع الكحول في الحي الدبلوماسي بالرياض، والذي كان مقتصرا تاريخيا على الدبلوماسيين غير المسلمين، أصبح متاحا خلال الأيام الأخيرة أمام غير المسلمين من حاملي «الإقامة المميزة» داخل المملكة.
ووفق هذه الروايات، جرى الشراء دون إعلان تنظيمي جديد واضح، ما يعزز الانطباع بأن التوسيع تم بصورة انتقائية ومحدودة وبلا ضجيج، عبر قنوات معرفة داخلية بين المرتادين.
وتشير التقارير إلى أن المتحدثين باسم برنامج الإقامة المميزة ووزارة الإعلام لم يقدموا ردودا فورية على طلبات التعليق، ما يبقي التفاصيل رهنا للمصادر التي ارتادت المنفذ وتناقلت المستجدات شفهيا.
وتضع هذه الخطوة المحتملة ضمن مسار تدريجي لإضفاء طابع رسمي ومنظم على الوصول إلى الكحول لفئات محددة، دون أن يعني ذلك تحولا تشريعيا شاملا حتى الآن.
بيع المشروبات الكحولية محظورا في السعودية
تاريخيا ظل استهلاك وبيع المشروبات الكحولية محظورا في السعودية، واقتصر وصول الدبلوماسيين إليها على الشحن الدبلوماسي أو مناسبات داخل الحي الدبلوماسي، مع لجوء بعض الأفراد إلى السوق السوداء أو السفر إلى دول مجاورة كالبحرين.
وفي يناير 2024 برز تطور مهم مع إنشاء متجر خاضع لضوابط مشددة في الرياض يخدم الدبلوماسيين غير المسلمين فقط عبر التسجيل المسبق والحصص الشهرية، مؤكدا الطابع المقيد والدقيق للترتيبات التنظيمية.
هذا المتجر شكل أول إطار عملي معلن لبيع الكحول ضمن بيئة محكومة للدبلوماسيين، لكنه لم يشمل المقيمين غير الدبلوماسيين في حينه، ما يجعل أي توسيع لاحق إلى حاملي الإقامة المميزة نقلة محسوبة ضمن نطاق ضيق.
ويظل الأساس القانوني العام للحظر قائما، مع اختلاف في الأدوات التنفيذية والضبط في نطاقات محددة للغاية.
سجال ربيع وصيف 2025
وفي مايو ويونيو 2025، انتشرت تقارير تزعم التوجه نحو ترخيص بيع الكحول في نحو 600 موقع ابتداء من 2026، بما يشمل فنادق ومنتجعات ومناطق دبلوماسية ومنشآت سياحية محددة.
وتحدثت بعض المنصات عن سماح محدود بمشروبات منخفضة الكحول ضمن تراخيص مشددة، وربطت ذلك بالتحضيرات لفعاليات دولية، قبل أن يبرز سريعا نفي رسمي لهذه المزاعم.
ونفت جهات سعودية رفع الحظر العام قبيل كأس العالم أو المضي في تقنين واسع كما تردد، مؤكدة عدم صحة ما نشر عن تغيير جذري ووشيك في السياسة التنظيمية للكحول.
أسهم هذا النفي في إطفاء موجة توقعات بإصلاح شامل، وأعاد التأكيد على أن أي تغييرات – إن حدثت – ستكون محدودة ومضبوطة للغاية.
أين ينسجم التطور الأخير؟
تنظر قراءات عديدة إلى أي توسيع محدود للوصول باعتباره جزءا من مسار «الانفتاح الاجتماعي» المرتبط بأهداف رؤية 2030 الهادفة لتعزيز الجاذبية الاستثمارية والسياحية.
وتستهدف المملكة أرقاما مرتفعة لعدد الزوار، مع ارتباط الخطط الكبرى باستضافة فعاليات عالمية مثل إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، ما يضع إدارة ملف الكحول ضمن نقاشات التجربة السياحية لفئات أجنبية محددة.
لكن ربط أي خطوة تكتيكية محدودة باستنتاجات حول تحرير شامل يبقى قفزة غير مدعومة، خاصة مع النفي الرسمي السابق لأي رفع واسع للحظر والإصرار على الأطر المقيدة.
وعليه، فالتطور الراهن – كما تصفه المصادر – يبدو أقرب إلى توسيع انتقائي لنقطة بيع قائمة لفئة محددة، لا إلى تغيير شامل للسياسة العامة.
ما الذي يتغير فعليا الآن
بحسب ما نقل عن سيمافور عبر منافذ عربية، الجديد هو السماح لغير المسلمين من حاملي الإقامة المميزة بدخول منفذ البيع في الحي الدبلوماسي وشراء الكحول بشروطه ورقابته داخل نطاقه، بدل اقتصاره على الدبلوماسيين فقط.
لا توجد إشارة موثقة إلى تراخيص عامة خارج هذا الإطار أو إلى تعديلات قانونية منشورة توسع الاستهلاك والبيع على نطاق الوطن، وهو ما تؤكده غياب الإعلانات الرسمية.
وبذلك، يظل التغيير – إن ثبت واستمر – محدود الأثر جغرافيا وشرائحيا، ولا يعادل بأي حال رفعا للحظر أو ترخيصا واسعا عبر الفنادق والمنتجعات والمتاجر العامة.
كما لا تظهر حتى اللحظة تفاصيل علنية عن آليات تسجيل أو حصص شراء لحاملي الإقامة المميزة شبيهة بما طبق للدبلوماسيين في 2024، ما يبقي الصورة الإجرائية ضبابية.
الدوافع والمكاسب المتوقعة
قد يسهم توسيع الوصول لفئة «الإقامة المميزة» في تعزيز جاذبية المملكة للمواهب والمستثمرين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الذين ينظرون إلى نمط الحياة والخدمات كحزمة متكاملة مؤثرة في قرارات الانتقال.
كما قد يفيد قطاعات الضيافة والسياحة الممتازة على هامش فعاليات كبرى، دون أن يشكل ذلك تعميما على السوق المحلية أو تعارضا معلنا مع الأطر القيمية.
لكن المكاسب المحتملة مشروطة باستدامة الخطوة واتضاح لوائحها، وبالتوازن السياسي والاجتماعي المطلوب لتفادي ردود فعل محافظة داخلية إذا ما فسر أي تغيير كاختراق كبير لسياسة الحظر.
لذا تميل المقاربة – كما يبدو – إلى الحذر، بخطوات موضعية تحت الرقابة وضمن مسار طويل الأجل لتجريب صيغ تنظيمية ضيقة.
ردود الفعل والتغطية
تلقفت منصات عربية وأفراد على شبكات التواصل الخبر، وأعادت صياغته بوصفه توسعا انتقائيا استند إلى تقرير سيمافور ومصادر محلية مطلعة، ما أطلق موجة نقاشات بين مرحب ومتحفظ.
في المقابل، ذكر كثيرون بنفي مايو 2025 لتقارير عن ترخيص واسع وبقرب رفع الحظر، لتأكيد أن أي استنتاجات تتجاوز ما هو موثوق حول منفذ الرياض تبقى غير دقيقة.
ويغذي هذا التاريخ القريب دعوات للتريث في التوقعات إلى حين صدور بيانات أو لوائح منشورة تحدد نطاق الإتاحة وشروطها بدقة.
أسئلة مفتوحة
يبقى السؤال: هل ستصدر الجهات التنظيمية آلية واضحة لحاملي الإقامة المميزة، تتضمن اشتراطات التسجيل والحصص وآليات الرقابة كما حدث مع الدبلوماسيين في 2024؟
وهل سيقتصر الأمر على منفذ الحي الدبلوماسي أم يوسع لاحقا ضمن مناطق محددة وخاضعة لإشراف مشدد كما زعمت تقارير غير مؤكدة سابقا؟
كما لا تتوفر معلومات موثقة حول أنواع المشروبات المسموح بها لهذه الفئة أو نسب الكحول وحدود التملك والنقل والاستهلاك داخل الأطر المكانية، ما يبقي الجوانب الفنية للتطبيق غير محسومة.
وتظل المعادلة الدقيقة بين الاعتبارات الدينية والقيمية من جهة، ومتطلبات التنافسية السياحية والاستثمارية من جهة أخرى، هي المحدد لمسار أي توسع لاحق.
الراجح حتى الآن هو توسع محدود وهادئ في الوصول إلى الكحول لفئة غير المسلمين من حاملي الإقامة المميزة عبر منفذ بيع داخل الحي الدبلوماسي بالرياض، من دون إعلان رسمي ومن دون تغيير شامل في سياسة الحظر..
وبانتظار أي توضيحات تنظيمية، تعكس هذه الخطوة – إن تأكدت واستقرت – مقاربة حذرة لملف حساس تختبر فيها ترتيبات مقيدة ضمن رؤية أوسع لتعزيز الجاذبية السياحية والاستثماري
