يسجل الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 27 نوفمبر 2025 حالة من الاستقرار النسبي قرب أعلى مستوياته التاريخية، إذ يدور متوسط السعر في البنوك بين نحو 12.67 جنيه للشراء و12.74 جنيه للبيع، مع فروق قروش محدودة بين بنك وآخر، ما يعكس استمرار الضغط على الجنيه بعد تعويم 2024، وفي الوقت نفسه استقراراً عاماً في سوق الصرف الرسمي دون قفزات حادة خلال الأيام الأخيرة.
ويأتي هذا الأداء في ظل متابعة كثيفة من الأسر والمستوردين وحاجزي العمرة والحج لتحركات العملة السعودية، باعتبارها مرتبطة مباشرة بتكاليف السفر والتحويلات القادمة من المملكة إلى مصر.
مستويات السعر في البنوك اليوم
تشير بيانات عدد من المواقع المصرفية والاقتصادية إلى أن سعر الريال السعودي في البنك الأهلي المصري وبنك مصر يدور حول 12.67 جنيه للشراء و12.74 جنيه للبيع، مع تحركات في نطاق قرش أو قرشين على مدار اليوم.
وفي بنوك أخرى مثل بنك القاهرة وبعض البنوك الخاصة يتراوح سعر الشراء بين نحو 12.66 و12.70 جنيه، بينما يصل سعر البيع إلى حدود 12.74 جنيه، في حين تعلن شاشات البنك المركزي المصري متوسطاً رسمياً قريباً من 12.70 للشراء و12.73 للبيع.
هذه الفروق المحدودة تعكس منافسة هادئة بين البنوك لجذب تحويلات الريال، خاصة مع ارتفاع الطلب من المصريين العاملين في المملكة والمواطنين المقبلين على أداء العمرة أو الحج أو السفر للعمل.
في المقابل، تشير تقارير صحفية إلى أن السوق الموازية تتعامل بهوامش أعلى قليلاً في بعض الفترات، مستغلة أي موجات طلب مفاجئة، وإن ظل الفارق أقل حدة مما كان عليه قبل تعويم الجنيه في 2024.
خلفية تحرك الريال وأزمة الجنيهقوة الريال أمام الجنيه ترتبط مباشرة بارتباطه بالدولار الأميركي، الذي ارتفع بشدة أمام العملة المصرية بعد قرار تحرير سعر الصرف في مارس 2024 والذي أفقد الجنيه ما يقرب من 60% من قيمته في فترة قصيرة.
ومع استمرار الضغوط على الاقتصاد المصري من حيث عجز الميزان التجاري، وارتفاع فاتورة الاستيراد، والتزامات خدمة الدين الخارجي، تتوقع تقارير اقتصادية استمرار حالة الهشاشة في سعر الصرف خلال 2025، مع احتمال مواصلة تآكل الجنيه ما لم يرتفع حجم الصادرات والتدفقات الدولارية المستدامة.
في هذا السياق، يصبح الريال السعودي «باروميتر» عملياً لثقة الشارع في العملة المحلية، إذ يلمس المواطن أثره مباشرة في تكاليف السفر للعمرة والحج، وفي قيمة تحويلات ذويهم العاملين بالسعودية، ما يفسر المتابعة اليومية «لحظة بلحظة» لتحركاته في البنوك.
ورغم أن البيانات الرسمية تصف الحركة الراهنة بأنها «طفيفة»، يرى كثيرون أن أي زيادة بمعدل قرش أو قرشين في الريال تكفي لرفع تكلفة رحلة عائلية أو تحويل شهري بمئات الجنيهات.
انعكاسات السعر على المواطنينارتفاع سعر الريال بهذا المستوى يعني عملياً زيادة تكلفة برامج العمرة والحج مقارنة بالسنوات التي كان فيها الريال يدور حول 4–5 جنيهات فقط، إذ باتت شركات السياحة تسعر برامجها على أساس عملة قوية مقابل دخل محلي ضعيف.
كما يشعر المصريون العاملون في السعودية بمفارقة لافتة؛ من جهة يرتفع الجنيه الذي يتسلمونه مقابل كل ريال عند التحويل، ما يمنحهم رقمياً دخلاً أعلى، لكن في المقابل تواجه أسرهم في الداخل موجات تضخم وارتفاعاً عاماً في الأسعار يلتهم جزءاً كبيراً من هذه المكاسب الاسمية.
أما على مستوى التجارة، فيؤدي هذا السعر المرتفع إلى زيادة تكاليف استيراد السلع والخدمات المسعّرة بالريال، خاصة ما يتعلق بحجوزات الفنادق والنقل الجوي والخدمات المرتبطة بالمملكة، وهو ما يُحمّل في النهاية على المستهلك المصري.
في المقابل، تستفيد البنوك من زيادة الطلب على الريال سواء من خلال هوامش تسعير ضيقة مضروبة في حجم تعاملات كبير، أو من خلال بيع منتجات ادخارية مرتبطة بالعملات الأجنبية لمن يرغبون في التحوط من تقلبات الجنيه.
رؤية مستقبلية وتساؤلات معلّقة
تقارير اقتصادية دولية ومحلية ترجّح استمرار تقلبات سعر الصرف في مصر خلال 2025 مع ميل عام لمزيد من الضعف في الجنيه إذا لم تتحقق قفزة واضحة في الاستثمارات الأجنبية والصادرات والسياحة.
هذا السيناريو يعني أن الحفاظ على استقرار نسبي في سعر الريال عند هذه المستويات المرتفعة سيظل مرهوناً بسياسة نقدية حذرة للبنك المركزي، وبقدرة الحكومة على إدارة التزاماتها بالعملة الصعبة دون اللجوء إلى صدمات تعويم جديدة.
في المقابل، تطرح دوائر معارضة واقتصاديون مستقلون أسئلة حول كلفة هذا «الاستقرار الشكلي» على المواطن العادي، الذي يجد نفسه محاصَراً بين أسعار صرف مرتفعة لكل العملات الأجنبية، وأجور محلية لا تلحق بموجات التضخم.
وبينما تتحدث البيانات الرسمية عن «تحسن تدريجي» في مؤشرات النقد الأجنبي، يبقى الريال السعودي في نظر كثيرين شاهداً يومياً على اختلال ميزان القوة بين الجنيه والاقتصاد الحقيقي، وتحذيراً مستمراً من أن أي اهتزاز جديد في الثقة قد يترجم فوراً إلى طوابير طويلة أمام البنوك والصرافات، وإلى فواتير أغلى لحلم السفر والعمل والعبادة في المملكة.










