يعيش النجم السابق ومدرب الكرة المصري عماد النحاس لحظات إنسانية صعبة في الأيام الأخيرة، بعد سفره العاجل من العراق إلى القاهرة عقب تعرض نجله لحادث سير خطير استدعى تدخلاً جراحياً ووضعه في العناية المركزة، ما اضطره للغياب عن قيادة فريقه الزوراء في مواجهة جوا الهندي بدوري أبطال آسيا 2.
ويأتي هذا التطور بينما يواصل النحاس حضوره القوي في المشهد الكروي بين تجربته الأخيرة في الأهلي كمدرب مؤقت، وتجربته مع الزوراء، وسط جدل دائم حول تاريخه التدريبي بين من يراه مشروع مدير فني كبير ومن يحمّله مسؤولية هبوط أكثر من فريق للدرجة الثانية.
حادث نجله وغيابه الطارئ عن الزوراء
أعلن نادي الزوراء العراقي في بيان رسمي غياب مدربه المصري عماد النحاس عن مباراة الفريق أمام جوا الهندي، بعد ظرف طارئ استدعى سفره فوراً إلى مصر إثر تعرض نجله لحادث سير خطير.
البيان أوضح أن الحادث تطلب تدخلاً جراحياً سريعاً لنجله ووضعه في العناية المركزة، وهو ما جعل إدارة النادي تصر على مغادرة المدرب فوراً إلى القاهرة رغم رغبته في البقاء مع الفريق لحين انتهاء المباراة، في لفتة إنسانية حظيت بتفاعل جماهيري واسع.
تقارير أخرى ركزت على الجانب العائلي في حياة النحاس، عارضة صوراً ومعلومات عن أسرته بالتوازي مع الدعوات الجماهيرية عبر مواقع التواصل بالدعاء لنجله بالشفاء وعودته السريعة للملاعب كمدرب، خاصة أن الحادث جاء في توقيت حساس موسمياً للزوراء في البطولة القارية والدوري المحلي.
هذا البعد الإنساني وضع المدرب في بؤرة تعاطف، لكنه أعاد أيضاً طرح سؤال الإرهاق النفسي الذي يعيشه المدربون العرب العاملون خارج بلدانهم بين التزامات العقد ونداء الأسرة.
محطات تدريبية متقلبة بين الأهلي والزوراءعماد النحاس، المدافع التاريخي السابق للأهلي والإسماعيلي، تحول بعد الاعتزال إلى مدرب جوال خاض تجارب متتابعة مع أندية مصرية مثل أسوان، الرجاء، طنطا، المقاولون العرب، طلائع الجيش، وصولاً إلى محطات خليجية وعربية.
أبرز نقاط مسيرته الأخيرة كانت عودته للأهلي في أبريل 2025 مدرباً مؤقتاً، حيث قاد الفريق للفوز بلقب الدوري للمرة الـ45 في تاريخه بنهاية موسم 2024-2025، قبل أن يعود لاحقاً في سبتمبر كمدرب مؤقت جديد عقب إقالة خوسيه ريبيرو، في مشهد يؤكد ثقة الإدارة الحمراء فيه كـ«رجل الإطفاء» عند الأزمات.
في أكتوبر 2025، تولى النحاس مهمة تدريب الزوراء العراقي رسمياً، وفق بيانات السجلات التدريبية، في تجربة وُصفت بالمغامرة الجديدة خارج الحدود بعد سنوات من العمل في الدوري المصري.
ورغم قصر الفترة، ظهرت مؤشرات رضا أولية لدى إدارة وجماهير الزوراء عن أسلوبه التكتيكي وانضباطه، قبل أن يقطع حادث نجله هذا المسار مؤقتاً ويترك مستقبله مع النادي مفتوحاً على كل الاحتمالات بين استمرار محتمل بعد عودته أو بحث الإدارة عن بدائل أكثر استقراراً.
أرقام متباينة وجدل دائم حول كفاءتهتقرير تحليلي تداوله إعلاميون ومشجعون بعد تعيينه في الأهلي أشار إلى أن النحاس هبط بخمس فرق مختلفة من الدوري الممتاز إلى الدرجة الثانية في تجاربه السابقة، وخسر قرابة نصف المباريات التي قادها، في أرقام يستخدمها منتقدوه للتشكيك في جدوى الرهان عليه على مستوى القمة.
في المقابل، يشير أنصاره إلى نجاحه في قيادة أسوان للصعود للممتاز، وتقديم مواسم قوية مع المقاولون العرب، إضافة إلى قدرته على إدارة غرف الملابس في أندية مضغوطة جماهيرياً مثل الأهلي، بوصفه ابن البيت وصاحب تاريخ طويل كلاعب.
الحصول على الرخصة التدريبية A عام 2023، وتسلم شهادتها في 2024، منح النحاس زخماً إضافياً في سوق المدربين، إذ بات يملك تأهيلاً رسمياً يوازي مدربين أجانب يعملون في المنطقة.
ومع ذلك، يظل الجدل دائراً حول ما إذا كان يُمنح الفرصة الكاملة لبناء مشروع طويل الأجل، أم يُستدعى فقط في أدوار «المنقذ المؤقت» التي تحمّله مسؤولية نتائج قصيرة المدى دون توفير بيئة استقرار حقيقية.
بين صورة «الرجل الهادئ» وضغوط المقاعد الفنيةتقدمه وسائل الإعلام والجماهير غالباً في صورة «الرجل الهادئ» المتزن، البعيد عن الصدامات، ما جعله خياراً مفضلاً لدى إدارات تبحث عن مدرب لا يدخل في معارك إعلامية.
لكن هذه السمة تُقرأ أحياناً على أنها ضعف في فرض شروطه على الإدارات، إذ يقبل بتولي فرق في ظروف صعبة مالياً وفنياً، فيجد نفسه في مرمى النيران حال تراجع النتائج، كما حدث مع عدد من الأندية التي هبطت معه.
في ضوء حادث نجله، يرتفع رصيد التعاطف مع النحاس كلاعب ومدرب وإنسان، إلا أن الجانب الاحترافي في مسيرته سيدخل بعد الأزمة اختباراً جديداً: هل يعود بقوة إلى مقعده في الزوراء أو الأهلي أو نادٍ جديد، مستثمراً خبرته الطويلة، أم أن سلسلة الهزات الفنية والإنسانية ستدفعه لمراجعة أولوياته بين الاستقرار الأسري وطموح مقاعد التدريب المتقلبة؟
هذا السؤال المفتوح يجعل كل خبر عن عماد النحاس اليوم مزيجاً بين صفحة الرياضة وصفحة الحوادث، وبين سطور الإشادة والنقد في آن واحد.










