أفادت مصادر دبلوماسية عربية وإقليمية بأن اسم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير تم سحبه من تشكيلة مقترحة لما وُصف بـ“مجلس السلام في غزة”، وهو إطار قيد النقاش بين عواصم غربية وإقليمية لتنسيق المسار السياسي وإعادة الإعمار في القطاع، وذلك عقب اعتراضات واضحة من عدد من الدول العربية والإسلامية التي عبّرت عن رفضها إدراج بلير في أي دور وساطة أو قيادة ضمن المرحلة المقبلة.
وبحسب المصادر ذاتها، جاءت التحفظات في اجتماعات مغلقة خلال الأسابيع الأخيرة، وتركزت على أن الخلفية السياسية لبلير ومواقفه السابقة من قضايا المنطقة—لا سيما دوره في حرب العراق وعلاقته الوثيقة بالمؤسسة السياسية في إسرائيل—قد تجعل مشاركته عبئًا على شرعية أي مسار تفاوضي، وتحدّ من قابليته للقبول شعبيًا ورسميًا لدى الأطراف الفلسطينية والعربية المعنية.
تفاصيل استبعاد توني بلير من مجلس السلام في غزة
وأوضحت المعطيات أن عواصم عربية عدة شددت على ضرورة أن تتسم أي شخصية تُسند إليها مهمة ضمن هذا المجلس بصفات “الحياد المقبول إقليميًا” و”القدرة على بناء الثقة”، مع أفضلية لمن لهم سجل عمل أممي أو خبرات تراكمية في الوساطة متعددة الأطراف.
كما طُرحت أسماء بديلة لشخصيات دولية وعربية ذات خلفية أممية أو تقنية في ملفات الحوكمة وإعادة الإعمار، من دون التوصل حتى الآن إلى توافق نهائي.
خطة أمريكية لإدارة غزة: ترامب يراهن على بلير وسط تحفظات عربية
وتشير معلومات دبلوماسية إلى أن فكرة “مجلس السلام في غزة” ما تزال في طور التشاور، وأن ملامحه المؤسسية لم تُحسم بعد، بين من يدفع باتجاه رعاية أممية مباشرة تُسند إلى مبعوث دولي بتفويض واضح، ومن يفضّل صيغة إقليمية-دولية مشتركة تمنح الدول العربية وزنًا أكبر في تقرير أولويات الإغاثة وإعادة الإعمار وترتيبات الأمن وإدارة المعابر.
في المقابل، ترى عواصم غربية أن إشراك شخصيات ذات خبرات تنفيذية عالية قد يسرّع هندسة المسارات الفنية، لكن الاعتراض العربي-الإسلامي على اسم بلير أظهر أن شرعية العملية لا تقل أهمية عن كفاءتها.
الرئاسة الفلسطينية تهاجم مخطط توني بلير لتهجير الفلسطينيين خارج غزة
وتؤكد العواصم المعترضة أن أي صيغة تتجاهل اعتبارات الرأي العام في المنطقة ومطالب الفلسطينيين السياسية ستواجه عقبات مبكرة وتآكلًا في الثقة.
ويستند الرافضون لضم بلير إلى سجله عندما تولى مهمة مبعوث اللجنة الرباعية الدولية عقب انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، حيث اتُّهم النهج آنذاك بالتركيز على مشاريع اقتصادية وإدارية دون تحقيق اختراق سياسي في ملفات أساسية مثل الاستيطان وحرية الحركة، ما أضعف فرص البناء على تلك المقاربة في الظروف الراهنة الأكثر تعقيدًا.
حتى ساعة النشر، لم تصدر بيانات رسمية معلنة تُفصّل تركيبة المجلس أو الجهات التي ستشرف عليه، كما لم يُنشر جدول زمني واضح لإطلاقه.
غير أن مصادر مطلعة تتوقع تكثيف الاتصالات خلال الأسابيع المقبلة بهدف بلورة إطار يحظى بقبول فلسطيني وإقليمي، مع رعاية دولية تضمن التمويل وآليات الرقابة والشفافية وإدارة المخاطر.
تبقى هوية الشخصيات القيادية ضمن أي كيان يجري إنشاؤه عاملًا حاسمًا في نجاحه أو تعثره. فقبول الأطراف المحلية، وحياد الوسطاء، ووضوح التفويض، والربط بين المسار الإنساني والسياسي، هي محددات ستقرر ما إذا كان “مجلس السلام في غزة” سيتحول إلى منصة فعالة لدفع الاستقرار وإعادة الإعمار، أم سيظل مبادرة على الورق تنتظر التوافق المفقود.











