سبيرز بنصف وجه أوروبي: فوز عصبي على سلافيا يطرح سؤالًا عن جاهزية توتنهام لامتحان الكبار
توتنهام خرج بفوز صعب ومهم على سلافيا براغ في الجولة السادسة من مرحلة الدوري بدوري أبطال أوروبا، ليضمد جراح الهزيمة الثقيلة الأخيرة أمام باريس سان جيرمان ويحافظ على تواجده في النصف العلوي من جدول البطولة، بينما استمرت معاناة الفريق التشيكي الذي فشل في تحقيق أي انتصار حتى الآن واكتفى بالتعثرات والتعادلات.
المباراة لم تكن استعراضية من جانب السبيرز بقدر ما كانت مواجهة “واجب إنجاز” تحت ضغط جماهيري ونفسي كبير، بعد الأداء الدفاعي الكارثي أمام بطل فرنسا، ما جعل كل دقيقة أمام سلافيا اختبارًا لصورة الفريق الأوروبي الجديد تحت قيادة أنجي بوستيكوغلو.
خلفية ما قبل المواجهة
توتنهام دخل مباراة سلافيا براغ وهو مثقل بهزيمة مثيرة أمام باريس سان جيرمان بنتيجة 5–3 في الجولة السابقة من دوري الأبطال، في لقاء كشف هشاشة دفاع السبيرز أمام السرعات والانسلالات خلف الخط الخلفي، رغم قدرة الفريق اللندني على التسجيل في شباك بطل فرنسا.
تلك الخسارة وضعت بوستيكوغلو تحت ضغط جماهيري وإعلامي، خصوصًا أن مشروعه مع توتنهام يقوم على كرة هجومية مفتوحة قد تدفع ثمنًا غاليًا قاريًا إذا لم تُدعَم بصلابة دفاعية وانضباط تكتيكي.
على الجهة الأخرى، جاء سلافيا براغ إلى لندن وهو في موقف صعب في جدول دوري الأبطال؛ الفريق لم يحقق أي فوز في أول خمس جولات، مكتفيًا بثلاثة تعادلات وهزيمتين جعلت رصيده ثلاث نقاط فقط مع فارق أهداف سلبي.
المهمة التشيكية كانت معقّدة: الحاجة إلى الفوز خارج الأرض على ملعب توتنهام هوتسبير للاحتفاظ بأي أمل حسابي، مع إدراك الفوارق الفنية والبدنية الكبيرة بين الطرفين.
تفاصيل فنية وتكتيكية من اللقاء
تشكيلة توتنهام حملت ملامح هجومية واضحة؛ المدرب اعتمد على ريتشارليسون في مركز رأس الحربة، مدعومًا بثلاثي متحرك خلفه يضم محمد كودوس وتشافي سيمونز وولسون أودوبيرت، مع وجود ثنائي وسط منظم مكوّن من جواو بالينيا وآرتشي جراي لحماية الدفاع ومنح الحرية للأظهرة في التقدم.
هذه التركيبة عكست رغبة مبكرة في حسم المباراة هجومياً وتعويض الجماهير عن مرارة باريس، مع الحفاظ على توازن نسبي في وسط الملعب.
سلافيا براغ بالمقابل دخل المواجهة بأسلوب حذر، مع كتلة دفاعية متقاربة في الوسط واعتماد على المرتدات السريعة واستغلال أي مساحات خلف ظهيري توتنهام الذين يميلان للتقدم.
الخطة اعتمدت على إطالة زمن التعادل قدر الإمكان واستثمار الضغط الجماهيري على السبيرز، على أمل خطف هدف من كرة ثابتة أو هفوة فردية في الخط الخلفي الإنجليزي.
مجريات النتيجة وأبرز ما دارالشوط الأول شهد ضغطًا متواصلاً من توتنهام، تُرجم إلى هدف مستحق للسبيرز قبل نهاية النصف الأول، ليمنح أصحاب الأرض بعض الهدوء ويخفف من حدة التوتر في المدرجات.
الهدف جاء بعد عدة محاولات على مرمى سلافيا، مع تفوق واضح في الاستحواذ والفرص الخطيرة، لكنه لم يتحول إلى مهرجان أهداف كما كانت تتمنى الجماهير الباحثة عن رد فعل قوي بعد خماسية باريس.
في الشوط الثاني، أدار توتنهام المباراة بعقلانية أكبر، محافظًا على الأفضلية في الكرة والضغط العالي، مع محاولات لإضافة هدف ثانٍ يؤمن النتيجة تمامًا، لكن بعض الرعونة أمام المرمى وتألق حارس سلافيا أبقيا المباراة مفتوحة حتى الدقائق الأخيرة.
سلافيا حاول التقدم بأقدام ثقيلة بحثًا عن نقطة تعادل شرفية، إلا أن افتقاره للجودة في الثلث الهجومي الأخير جعله عاجزًا عن تهديد جدي لمرمى فيكاريو، لتنتهي المواجهة بانتصار توتنهام بفارق هدف واحد فقط.
وضع الفريقين في جدول دوري الأبطال
بهذا الفوز، رفع توتنهام رصيده إلى ثماني نقاط بعد خمس مباريات في مرحلة الدوري بدوري أبطال أوروبا، من خلال حصيلة تضم انتصارين وتعادلين وهزيمة واحدة، مع فارق أهداف إيجابي جعله ضمن دائرة المراكز المؤهلة إلى دور الـ16 أو على الأقل ضمن الثمانية الأوائل المستفيدين من وضعية أفضل في القرعة.
هذا الموقع يعكس فريقًا منافسًا لكنه لم يصل بعد إلى مستوى الكبار الذين حسموا تأهلهم مبكرًا مثل أرسنال وبايرن ميونخ وباريس وإنتر، وهو ما يفرض على بوستيكوغلو تطوير تفاصيل فريقه إذا أراد الذهاب بعيدًا في البطولة.
أما سلافيا براغ، فبقي في قاع الترتيب بثلاث نقاط فقط من ثلاثة تعادلات، دون أي انتصار في مرحلة الدوري، مع فارق أهداف سلبي يعكس معاناته في مواجهة مستويات أعلى فنياً وبدنياً بكثير من الدوري المحلي التشيكي.
استمرار العقم في تحقيق الفوز يجعل الفريق أقرب إلى ختام قاري رمزي، يكتفي فيه باكتساب الخبرة ورفع اسم النادي على الساحة الأوروبية، أكثر من منافسة حقيقية على مقعد في الأدوار الإقصائية.
بهذه المعطيات، يمكن القول إن مباراة توتنهام ضد سلافيا براغ كانت ليلة منطقية في نتيجتها، لكنها حافلة بالأسئلة حول سقف طموح السبيرز في أوروبا: فوز مهم في الورق، لكنه يترك وراءه شعورًا بأن الفريق ما زال بحاجة إلى وجه أكثر شراسة واكتمالاً إذا أراد أن يتحول من “ضيف ثابت” في دوري الأبطال إلى “مرشح جدي” على اللقب.









