التعاون الدفاعي المصري-التركي في مشروع الطائرة الشبحية KAAN يغير موازين القوى الإقليمية، ويشكل تهديدًا مباشرًا للتفوق الجوي الإسرائيلي، مع تعزيز قدرة البلدين على تطوير صناعة عسكرية متقدمة ومستقلة
القاهرة –١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
في خطوة قد تعيد رسم خريطة القوى العسكرية في الشرق الأوسط، أثار التعاون الدفاعي المصري-التركي حول مشروع المقاتلة الشبحية التركية KAAN موجة من القلق في الأوساط الإسرائيلية، التي رأت في مشاركة القاهرة تهديداً مباشراً لما تعتبره «تفوقها الجوي المستقبلي».
وحذر خبراء عسكريون إسرائيليون، في تقارير منشورة بصحيفة «معاريف»، من أن دخول مصر مرحلة تصنيع المقاتلة الشبحية يمثل تحولاً استراتيجياً غير مسبوق، إذ لم تعد القاهرة تكتفي بشراء أنظمة أسلحة جاهزة من الخارج، بل تسعى الآن إلى المشاركة في تصميم وصناعة طائرات قتالية متقدمة، ما يضعها في نادي محدود من الدول القادرة على تطوير التكنولوجيا العسكرية المتقدمة في المنطقة.
شراكة استراتيجية في مراحل تفاوضية أولية
وأوضح اللواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومي المصري، أن الشراكة مع تركيا لا تزال في مراحل تفاوضية أولية، وأن مصر لم تعلن رسمياً عن انضمامها للمشروع، مؤكداً أن القاهرة تدرس الاتفاقيات النهائية قبل الإعلان الرسمي. وأضاف: «تركيا تمتلك حافزاً قوياً لدخول شراكات عسكرية إقليمية لتعزيز مصداقيتها في تصنيع الطائرة الشبحية، خصوصاً أن تكلفة المشروع تقدر بعشرات المليارات، والشراكة مع مصر توفر توزيعاً للعبء المالي والتقني».
ولفت عبد الواحد إلى أن الهدف الأساسي للمشروع هو تحقيق استقلالية أكبر عن الموردين الغربيين في مجالات محركات الطائرات وأنظمة الحرب الإلكترونية، ما يمنح مصر وتركيا مرونة أكبر في تطوير قوة جوية متقدمة دون قيود من التزامات دولية أو سياسات بيع الأسلحة الغربية.
قلق إسرائيلي وتحذيرات إعلامية
واعتبرت صحيفة «معاريف» أن التعاون المصري-التركي يشكل «علامة فارقة» في العلاقات بين القاهرة وأنقرة، ويفتح الباب أمام شراكة دفاعية استراتيجية قد تعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة. وأضافت أن المشروع ليس رمزياً، بل يحمل تداعيات أمنية مباشرة، إذ يمكن للطائرات الشبحية المزمع تطويرها أن تمنح الدولتين القدرة على اختراق أنظمة الدفاع الإسرائيلية التقليدية، مما يضع إسرائيل أمام تحديات جديدة في الحفاظ على تفوقها العسكري الجوي.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن مصر، التي اعتمدت في السابق على طائرات أميركية من طراز F-16 وفرنسية من طراز رافال، إضافة إلى صفقات روسية، كانت دائماً مقيدة في ما يتعلق بقطع الغيار والذخائر، بينما يمنحها الانضمام إلى مشروع KAAN وصولاً غير مسبوق إلى تقنيات حساسة، تشمل أكثر من 80% من مكونات الطائرة، بما في ذلك الرادارات المتطورة (AESA)، وأنظمة القيادة والسيطرة، والحرب الإلكترونية.

التعاون جزء من استراتيجية أوسع لبناء صناعة دفاعية محلية
ويمثل مشروع المقاتلة الشبحية جزءاً من استراتيجية مصرية أوسع لبناء صناعة دفاعية محلية، تشمل تصنيع مشترك مع كوريا الجنوبية لطائرات FA-50 ومدافع K-9، وفرقاطات بحرية جديدة بالتعاون مع إيطاليا. وتسعى القاهرة من خلال هذه المشاريع إلى تقليل الاعتماد على الموردين الأجانب، وتعزيز قدراتها التكنولوجية والعسكرية، بما يضمن لها قوة ردع في مواجهة التحديات الإقليمية.
الأبعاد السياسية والتقارب الاستراتيجي
وقال المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو إن التعاون الدفاعي يعزز الروابط الاستراتيجية بين تركيا ومصر، ويحقق استقراراً نسبياً في المنطقة، ويتيح للطرفين التفاهم على قضايا خلافية مثل غاز البحر المتوسط والتحركات التركية في ليبيا، وأوضاع القرن الإفريقي. وأضاف أن هذا التعاون يقلق إسرائيل، التي أظهرت في الصراع مع غزة اهتماماً خاصاً بالحفاظ على تفوقها العسكري في المنطقة.
وأكد الخبراء أن المشروع يضع مصر في موقع قوة جديد، إذ إنها للمرة الأولى لا تكتفي بشراء الطائرات الحربية، بل تشارك في تصنيعها، ما يعزز مكانتها العسكرية والتكنولوجية ويعيد رسم التوازن العسكري الإقليمي، في وقت تحرص فيه القاهرة على تحقيق الاستقرار ورفع قدراتها الدفاعية الاستراتيجية.
خلفية المشروع والتحديات التقنية
بدأ مشروع الطائرة الشبحية التركية KAAN عام 2023، ويستهدف إنتاج 20 طائرة بحلول 2028، لكنها لا تزال في مرحلة الاختبارات الأولية، ولا تمتلك محركات محلية حتى الآن، بل تستخدم محركات أميركية، مع محاولات للحصول على بدائل بريطانية لم تكلل بالنجاح. ويأمل الطرفان، مصر وتركيا، من خلال التعاون المشترك، في إنتاج محركات محلية للطائرة، ما يعزز الاستقلالية التقنية ويحد من الاعتماد على الموردين الغربيين.
هذا التعاون العسكري المتقدم يأتي في ظل سلسلة من الخطوات الإيجابية لتعزيز العلاقات الثنائية، بما في ذلك تبادل الزيارات الرسمية بين الرؤساء وتعيين سفراء، إضافة إلى توقيف أنقرة عناصر معارضة متهمة بأعمال تخريبية لصالح القاهرة، ما يعكس رغبة الطرفين في تعميق التعاون وتحقيق مصالح استراتيجية مشتركة.










