استهدفت غارة جوية إسرائيلية عنيفة، صباح اليوم السبت، مركبة مدنية في أحد شوارع قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد أربعة فلسطينيين على الأقل وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، بحسب مصادر طبية محلية.
وفيما سارعت طواقم الإسعاف إلى نقل الضحايا، أكد الجيش الإسرائيلي أن الضربة جاءت في إطار عملية نوعية استهدفت القيادي البارز في كتائب عز الدين القسام، رائد سعد.
وتأتي الغارة ضمن سلسلة عمليات مكثفة تنفذها إسرائيل ضد ما تصفه بـ“أهداف عالية القيمة” داخل القطاع، في سياق الحرب المستمرة وما يرافقها من تصعيد عسكري وضغوط سياسية وأمنية متزايدة.
من هو رائد سعد؟
يُعد رائد سعد من القيادات القديمة في الجناح العسكري لحركة حماس، وقد شغل لسنوات منصب رئيس جناح العمليات. وتنسب إليه مصادر إسرائيلية وفلسطينية دورًا بارزًا في التخطيط لعملية “سور أريحا”، التي تعتبر الإطار العملياتي للهجوم الذي نفذته حماس في السابع من أكتوبر.
وبعد عملية “حارس الأسوار” عام 2021، تشير روايات متداولة إلى أن يحيى السنوار أقال سعد من منصب رئيس جناح العمليات، لينتقل لاحقًا إلى مواقع أخرى ضمن قيادة القسام.
ووفق هذه الروايات، يتولى سعد حاليًا مسؤولية ملف إنتاج السلاح وإعادة بناء وتعزيز القدرات العسكرية للجناح العسكري، ويُنظر إليه على أنه الشخصية الثانية من حيث النفوذ داخل غزة بعد عزّ الدين الحداد، قائد الجناح العسكري.
محاولات اغتيال متكررة
بحسب معطيات متداولة، حاولت إسرائيل اغتيال رائد سعد عدة مرات خلال الفترة الماضية، من بينها محاولتان خلال الأسبوعين الأخيرين أُلغيتا في اللحظات الأخيرة لأسباب عملياتية. كما نجا من محاولات اغتيال أخرى منذ اندلاع الحرب، في ظل قناعة متكررة لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأنه بات في مرمى الاستهداف.
وكان اسم سعد قد طُرح في التداول قبل نحو شهرين، عقب مهلة زمنية قصيرة أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لحركة حماس للرد على ما عُرف حينها بـ“خطة السلام” المتعلقة بقطاع غزة، ما أضفى بعدًا سياسيًا إضافيًا على ملفه.
سياق عسكري وإنساني معقد
تعكس الغارة الأخيرة استمرار اعتماد إسرائيل على سياسة استهداف القيادات الميدانية والعسكرية، في محاولة لإضعاف البنية التنظيمية للفصائل الفلسطينية وتقليص قدرتها على التخطيط وإعادة البناء. غير أن تنفيذ ضربات من هذا النوع داخل بيئة مدنية مكتظة يثير في كل مرة مخاوف إنسانية واسعة، بسبب ارتفاع احتمالات سقوط ضحايا من المدنيين، وهو ما حدث في غارة اليوم.
في المقابل، تؤكد الفصائل الفلسطينية أن هذه السياسة لن تنجح في كسر قدرتها على الاستمرار، مشددة على أن بنيتها التنظيمية قادرة على التعويض والتكيف، رغم الخسائر.
تُظهر الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مركبة مدنية في غزة، وما رافقها من تأكيدات حول محاولة اغتيال رائد سعد، تداخلًا معقدًا بين الأهداف العسكرية والحسابات السياسية والكلفة الإنسانية. وبينما ترى إسرائيل في هذه العمليات وسيلة لتوجيه ضربات موجعة لقيادة القسام، يبقى تأثيرها الاستراتيجي مرهونًا بقدرة الفصائل على سد الفراغ القيادي، وبحجم التداعيات الإنسانية والسياسية التي تفرضها مثل هذه الضربات على المشهد العام في قطاع غزة والمنطقة.










