من فخر العرب إلى سخرية التريند: أحمد السقا يدفع فاتورة الدفاع عن محمد صلاحالأزمة الأخيرة للفنان أحمد السقا بسبب فيديو دعمه لمحمد صلاح تحولت خلال 48 ساعة فقط من «لفتة جدعنة» إلى عاصفة تنمر وسخرية وهجوم قاسٍ، بعد انتشار مقطع له باللغة الإنجليزية يوجه فيه رسالة مباشرة لإدارة وجماهير ليفربول يطالبهم فيها باحترام تاريخ «الملك المصري» وإعادته لمركزه الطبيعي داخل الفريق.
ومع اختفاء الفيديو من حساباته على إنستجرام وفيسبوك ثم خروجه بتعليق يؤكد فيه أنه لم يحذفه بنفسه وأنه «دخل منطقة مش بتاعته»، تضاعفت الأسئلة حول حدود تدخل نجوم الفن في أزمات نجوم الكرة، ومن يتحمل ثمن «الدعم» حين ينقلب إلى عبء نفسي وإعلامي على صاحبه.
ما الذي حدث بالضبط؟
بدأت القصة حين قرر أحمد السقا الظهور في فيديو قصير بالإنجليزية، قدّم نفسه فيه كنجم من نجوم الشرق الأوسط ومن بلد محمد صلاح، ووجّه رسالة إلى إدارة وجماهير ليفربول يطالبهم فيها بمراجعة كل ما قدمه صلاح للنادي خلال السنوات الماضية، والتعامل معه بما يليق بإنجازاته وأرقامه القياسية.
استخدم السقا في حديثه تعبيرات اعتادها الجمهور في خطابات الدعم، من بينها وصف صلاح بأنه «فخر مصر والعرب» وتذكيره بعدد البطولات التي ساهم في حصدها للنادي، مع استعارة المثل الشهير «يا جبل ما يهزك ريح» في محاولة لرفع معنويات اللاعب وسط أزمته مع المدرب آرنه سلوت وجلوسه المتكرر على مقاعد البدلاء.
الفيديو حمل أيضًا نبرة عتاب غير مباشر لإدارة ليفربول، حين دعاهم السقا لإعادة النظر في طريقة التعامل مع صلاح واحترام ما يمثله للنادي وجماهيره عالميًا، وهو ما اعتبره كثيرون تجاوزًا لخط فاصل بين «تعاطف جماهيري طبيعي» و«تدخل فني مباشر» في قرار مدرب وإدارة نادٍ عالمي.
وانتشر المقطع على نطاق واسع عبر منصات إعلامية كبرى وصفحات رياضية، ما ضاعف حجم الجدل وأخرج رسالته من إطار مبادرة شخصية إلى قضية رأي عام تخضع للتشريح والسخرية والتقييم في آن واحد.
اختفاء الفيديو وتعليق السقا
المفاجأة كانت في اختفاء الفيديو من حسابات أحمد السقا على فيسبوك وإنستجرام بعد ساعات من تصدره التريند، ما فتح الباب أمام سيناريوهات عدة: هل تراجع السقا عن موقفه؟ أم تعرّض لضغوط من منصات التواصل أو جهات أخرى؟
الفنان المصري خرج سريعًا عبر منشور يؤكد فيه أنه لم يحذف الفيديو، وأنه فوجئ باختفائه «زيه زي الناس»، مضيفًا جملة لافتة: «واضح إني دخلت في منطقة مش بتاعتي»، في إشارة إلى إدراكه لحساسية التداخل بين الفن وكرة القدم على هذا المستوى العالمي.
السقا أوضح في تصريحات لاحقة أنه تعرّض مع أسرته لوابل من الإهانات والتريقة على السوشيال ميديا، وأن الضغط النفسي وصل به إلى حد التصريح بأنه «مستعد يعمل تسجيل خروج من حياته كلها» من شدة الهجوم، في تعبير عاطفي يكشف حجم ما شعر به من حرج بعد أن تحوّل من «الداعم لصلاح» إلى «هدف للتنمر».
هذا الاعتراف فتح نقاشًا جديدًا حول ثمن الشهرة وحدود قدرة النجوم على تحمل موجات السخرية المنظمة، خصوصًا حين يُتهمون باستغلال قضايا حساسة للبحث عن ترند جديد.
ردود الفعل المتباينة
ردود الفعل على فيديو السقا انقسمت إلى معسكرين واضحين: فريق رأى في الخطاب تعبيرًا صادقًا عن دعم وطني طبيعي لنجم بحجم محمد صلاح، خاصة في لحظة توتر علاقته مع مدربه وتهديد مكانته كأسطورة النادي، مع التأكيد على أن أي مصري يشعر أنه معني بالدفاع عن صورة صلاح العالمية.
أصحاب هذا الرأي اعتبروا أن لغة السقا الإنجليزية أو أسلوبه العاطفي لا يلغيان مضمون الرسالة، بل يعكسان رغبة فنان كبير في استثمار نجوميته لصالح ابن بلده، حتى لو بدا الخطاب بسيطًا أو غير مصقول لغويًا بما يكفي.
في المقابل، رأى فريق آخر أن ما فعله السقا يمثل «مبالغة لا تخدم اللاعب» وقد تُحرج صلاح نفسه أمام إدارة ناديه وجماهيره، خاصة أن الرسالة جاءت في توقيت حساس يتعامل فيه النادي مع أزمة فنية وإعلامية معقدة.
وذهب المنتقدون إلى أبعد من ذلك بوصف الفيديو بأنه «شو مجاني» و«تدخل عبثي» في شؤون فريق محترف، معتبرين أن الخطاب الموجه باللغة الإنجليزية وبصيغة «نجم يخاطب إدارة نادٍ عالمي» ظهر متكلّفًا وجاذبًا للسخرية أكثر من كونه داعمًا.
هل تحول الدعم إلى عبء؟
عندما يخرج فنان بحجم أحمد السقا ليخاطب إدارة ليفربول، يحمل الخطاب ضمنيًا رسالة بأن صلاح بات قضية وطنية تتجاوز النادي إلى سمعة بلد بأكمله، وهو ما قد يخلق حالة حساسية إضافية لدى الإدارة والجماهير.
ومع أن نية السقا كانت – على الأرجح – الدعم المعنوي، فإن موجة التهكم على طريقة حديثه ومظهره في الفيديو جعلت النقاش ينزلق من جوهر الأزمة بين صلاح ومدربه إلى «الكوميكس» والتعليقات الساخرة عن الفنان نفسه.
من زاوية أخرى، تبدو أزمة السقا نموذجًا مصغّرًا لكيف يمكن لمحتوى لا يتجاوز دقائق أن يتحول إلى محاكمة لشخصية عامة، فقط لأنه دخل ملفًا رياضيًا ملتهبًا في توقيت خاطئ وبأدوات غير محسوبة تمامًا.
ومع اعترافه بأنه «دخل منطقة مش بتاعته» واعتباره أن الضغط دفعه للتفكير في الانسحاب، يظهر أن ثمن هذه المغامرة الرقمية كان أعلى بكثير من مجرد «بوست» أراد صاحبه أن يمر كلفتة دعم إنساني.











