في خطوة سياسية لافتة تهدف إلى توحيد الجبهة المدنية ووقف الحرب الدائرة في السودان، وقعت قوى سياسية ومدنية ضمن تحالف «صمود»، برئاسة رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، يوم 16 ديسمبر 2025، إعلان مبادئ مشترك في العاصمة الكينية نيروبي، مع حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد النور، وحزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل)، إلى جانب عدد من الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
أهداف الإعلان ومحاوره الرئيسية
ركز إعلان المبادئ على الوقف الفوري للحرب وإنهائها بشكل كامل، باعتبارها الكارثة الأكبر التي تواجه السودان وتهدد وحدته ومستقبله. ودعا إلى وقف إطلاق نار شامل لمدة ثلاثة أشهر، يكون مرتبطا بمسارات إنسانية عاجلة لتسهيل وصول المساعدات، ومسار سياسي يمهد لعملية انتقالية شاملة.
وأكد الموقعون رفض الحل العسكري للأزمة، والتشديد على وحدة السودان وسيادته واستقلال قراره الوطني، مع الالتزام بحل سياسي يعبر عن تطلعات الشعب السوداني.
تصفية إرث النظام السابق
أحد أبرز بنود الإعلان تمثل في الدعوة إلى تصفية نظام الحركة الإسلامية نهائيا من المشهد السياسي، واعتبار حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وواجهاتهما منظمات إرهابية، على خلفية دورها في تقويض الدولة وإشعال الصراعات خلال العقود الماضية. وشدد الإعلان على استبعاد هذه القوى من أي عملية سياسية مستقبلية.
ملامح الدولة المنشودة
وضع الإعلان تصورا واضحا لمستقبل السودان، يقوم على بناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على المواطنة المتساوية دون تمييز، وإقامة جيش وطني مهني واحد يخضع للسلطة المدنية، مع إعادة هيكلة المنظومة الأمنية والعسكرية بما يضمن عدم تكرار الانقلابات والحروب.
القوى الموقعة
ضمت قائمة الموقعين قوى سياسية وحركات وتنظيمات مدنية بارزة، من بينها:
حركة جيش تحرير السودان (عبد الواحد محمد النور)
حزب البعث العربي الاشتراكي – الأصل
حزب الأمة القومي
حزب المؤتمر السوداني
التجمع الاتحادي
الحركة الشعبية – التيار الثوري الديمقراطي
حزب البعث القومي
التحالف السوداني
الحزب الجمهوري
إضافة إلى منسقية النازحين واللاجئين، هيئة محامي دارفور، وعدد من منظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية المستقلة.
باب مفتوح للنقاش والانتقادات
أعلن الموقعون أن إعلان المبادئ مفتوح لانضمام قوى أخرى تؤمن بالسلام والتحول المدني، مع استثناء حزب المؤتمر الوطني وواجهاته. وقد قوبلت الخطوة بترحيب من أطراف سودانية رأت فيها محاولة جادة لتوحيد الصف المدني وإنهاء الحرب، في حين انتقدها آخرون لعدم تصنيف قوات الدعم السريع ككيان إرهابي.
ورد القائمون على الإعلان بأن الدعم السريع ليس حزبا سياسيا تاريخيا مثل المؤتمر الوطني، وأن معالجة ملفه تتم ضمن مسار إعادة بناء الدولة والمؤسسة العسكرية، لا عبر التصنيفات الحزبية.
خطوة على طريق معقد
يعكس إعلان نيروبي إدراكا متزايدا لدى القوى المدنية بضرورة تجاوز الانقسامات وتقديم رؤية موحدة لإنهاء الحرب وإنقاذ البلاد من الانهيار الشامل. ورغم التحديات والانتقادات، ينظر إلى الاتفاق باعتباره محاولة مهمة لإعادة السياسة المدنية إلى الواجهة، ووضع أسس لحوار وطني قد يشكل مدخلا لحل شامل ومستدام للأزمة السودانية.










