بوتين يؤكد استعداد موسكو للتفاوض مع أوكرانيا بشروطها، ويفتح باب الحوار مع ترامب، ويصف الصين بالشريك الموثوق، منتقداً أوروبا والعقوبات الغربية، ومعلناً مؤشرات نمو إيجابية للاقتصاد الروسي.
موسكو – 19 ديسمبر 2025
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد بلاده للعودة إلى مسار التفاوض بشأن أوكرانيا، محمّلاً كييف مسؤولية تعثر أي تسوية سياسية، ومشدداً على أن إنهاء الحرب لن يتم إلا وفق الشروط التي حددتها موسكو. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي السنوي وفعالية “الخط المباشر” التي استمرت أكثر من أربع ساعات ونصف، ورد خلالها بوتين على أكثر من 80 سؤالاً من بين نحو 3 ملايين سؤال وردت من مواطنين وصحفيين.
أوكرانيا: تفاوض بشروط موسكو
وقال بوتين إن روسيا ما زالت متمسكة بمقترحات التفاوض التي طُرحت في مارس 2022 وتم تحديثها في 2024، مضيفاً: “نحن منفتحون على التفاوض، لكننا لا نرى أي استعداد حقيقي من الجانب الأوكراني”. واتهم كييف برفض الحلول السلمية، معتبراً أن “شرعية السلطة في أوكرانيا تظل محل تساؤل دون إجراء انتخابات”.
وأشار إلى أن موسكو تتابع تصريحات أوكرانية حول إمكانية إجراء انتخابات بضمانات أمنية غربية، محذراً من استخدام الاستحقاق الانتخابي كوسيلة لوقف تقدم الجيش الروسي. وأكد أنه قد يتم النظر في تعليق العمليات العسكرية يوم الاقتراع فقط، دون أن يكون ذلك مقدمة لتجميد الصراع، قائلاً: “الحرب ستنتهي فقط بشروطنا”.
ترامب وواشنطن: براغماتية ممكنة
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، أبدى بوتين انفتاحاً حذراً على التعامل مع دونالد ترامب، واصفاً إياه بالسياسي البراغماتي الذي “يمكن التحدث معه”. وانتقد الإدارة الأمريكية السابقة، معتبراً أنها دفعت أوروبا إلى صراع لا يخدم مصالحها.
كما شدد على أن واشنطن، بوصفها اللاعب الأساسي في حلف الناتو، لا تعتبر روسيا عدواً مباشراً، داعياً إلى استئناف حوار جاد بين القوى الكبرى.
أوروبا والناتو: أزمة وتبعية
وصف بوتين أوروبا بأنها تمر بأزمة عميقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، متهماً قيادات الاتحاد الأوروبي بالتبعية للسياسات الأمريكية. وانتقد بشدة سياسة الطاقة الأوروبية، قائلاً إن قطع العلاقات مع روسيا أجبر دول الاتحاد على دفع أسعار أعلى للغاز والوقود.
وفي رسالة مباشرة، أكد أنه “لن تكون هناك عمليات عسكرية جديدة إذا تعامل الغرب مع روسيا باحترام”، نافياً أي نية لمهاجمة أوروبا، وواصفاً هذه المزاعم بأنها “دعاية لتصوير روسيا كعدو”.
الأصول الروسية المجمدة: “سرقة مقنّعة”
وحول الأصول الروسية المجمدة في الغرب، وصف بوتين أي محاولة لاستخدام عائداتها لتمويل أوكرانيا بأنها “سرقة مقننة وانتهاك صارخ للقانون الدولي”، محذراً من ردود روسية “غير متماثلة” قد تشمل مصادرة أصول غربية أو تعطيل مدفوعات مالية.
الصين والجنوب العالمي: شراكات استراتيجية
على الصعيد الدولي، أشاد بوتين بالعلاقات مع الصين، واصفاً الرئيس شي جين بينغ بـ”الصديق الموثوق”، ومؤكداً أن الشراكة مع بكين أقوى من أي وقت مضى، وتشمل الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. كما شدد على أهمية دول الجنوب العالمي مثل الهند وإيران والبرازيل، ودور مجموعة بريكس في بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب.
الاقتصاد الروسي: صمود ونمو
اقتصادياً، أعلن بوتين أن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا سينمو بنحو 3.5% خلال العام الجاري، مع سيطرة على التضخم وارتفاع الأجور الحقيقية. واعتبر أن الاقتصاد الروسي نجح في مواجهة العقوبات الغربية عبر سياسات إحلال الواردات وتعزيز الصناعة الوطنية، لاسيما في قطاعات الطاقة والزراعة والدفاع.
واعترف بوجود تحديات في قطاع الطيران بسبب العزلة التكنولوجية، لكنه رأى فيها فرصة لتطوير صناعات محلية، قائلاً: “نصنع طائراتنا ونطوّر تقنياتنا بأنفسنا”.
رسالة ختامية
واختتم بوتين حديثه برسالة مباشرة إلى الروس: “مررنا بظروف أصعب وخرجنا أقوى. اليوم نحن أكثر وحدة واستقلالاً، ولسنا وحدنا في هذا العالم. لن نستسلم”.










