المضاربة بالديون والعملات الرقمية يضع الاقتصاد الأميركي على حافة الخطر
شهدت الولايات المتحدة عام 2025 تحوّلًا غير مسبوق في القطاع المالي بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تبنّيه العلني للعملات الرقمية، محوّلًا التشفير من مجال هامشي إلى محور النظام المالي الأميركي. الدعم السياسي والتشريعات المرنة، إلى جانب موجة مضاربات ممولة بالديون، وضعت أكثر من 200 مليار دولار على المحك، مثيرة تحذيرات من أن تصبح الابتكارات الرقمية فقاعة مالية قد تهدد الاستقرار الاقتصادي والمالي للبلاد.

دعم سياسي وتحول الشركات الكبرى
منذ إعلان ترامب نفسه “أول رئيس للعملات المشفّرة”، أطلقت إدارته سياسات دعم غير مسبوقة، شملت:
• إيقاف حملات التضييق التنظيمي على شركات التشفير.
• تشجيع الاستثمار في الأصول الرقمية من داخل البيت الأبيض.
• إصدار تشريعات ودّية للتشفير تُعد الأكثر انفتاحًا في تاريخ الولايات المتحدة.
كما دفعت هذه السياسات الشركات العامة إلى تبني العملات الرقمية ضمن ميزانياتها، بهدف رفع تقييم الأسهم وجذب المستثمرين. أكثر من 250 شركة أمريكية اليوم تمتلك أصولًا مشفّرة، ما ربط مباشرة أسواق الأسهم بتقلبات العملات الرقمية وخلق شبكة مالية مترابطة تزيد هشاشة النظام أمام أي صدمات.
رهانات بالديون ومخاطر النظام المالي
توسع تبنّي العملات الرقمية بشكل سريع أدى إلى زيادة الاعتماد على التمويل بالديون:
• حصلت شركات عامة على قروض ضخمة لشراء العملات الرقمية.
• راهن المستثمرون بأكثر من 200 مليار دولار على أسعار مستقبلية للعملات، غالبًا باستخدام أموال مقترضة.
خبراء اقتصاديون ومنظمون سابقون يحذرون من اختفاء الخط الفاصل بين الاستثمار والمقامرة، مشيرين إلى أن هذا النموذج هو نفسه الذي سبق أزمات مالية كبرى. ربط المنتجات الرقمية بالأسهم والديون وخطط التقاعد يزيد من خطر انتقال أي انهيار رقمي إلى أزمة مالية أوسع، ويقوّض قدرة صانعي السياسات على حماية الأنظمة المالية، لا سيما في أوقات الأزمات.
انهيار أكتوبر 2025 والتحذيرات المستقبلية
شهد السوق في أكتوبر/تشرين الأول 2025 انهيارًا حادًا أدى إلى:
• تصفيات تجاوزت 19 مليار دولار خلال يوم واحد.
• تأثير مباشر على نحو 1.6 مليون متداول عالميًا.
هذا الانهيار أبرز هشاشة السوق في ظل الرافعة المالية المرتفعة، وأعاد إلى الواجهة التساؤلات حول قدرة الاقتصاد الأميركي على تحمّل صدمة أكبر. كما أظهر أن دمج العملات الرقمية في النظام المالي دون ضوابط صارمة قد يحوّل الابتكار إلى مقامرة جماعية، ويطرح مخاطر أخلاقية وتنظيمية معقدة.
بين الابتكار والمقامرة
مؤيدو التشفير يعتبرون التقلبات العالية فرصة لتحقيق عوائد استثنائية، مؤكدين قدرة التكنولوجيا على تحديث النظام المالي وزيادة كفاءته وشفافيته. لكن الأحداث في 2025 تشير إلى أن سرعة تبنّي التشفير، حين تُقرن بالديون والغطاء السياسي، قد تحوّل الابتكار إلى مقامرة جماعية، تجعل الاقتصاد الأميركي معرضًا لصدمات محتملة تهدد الأسواق والمستثمرين على حد سواء.










