مارسيليا يضغط والركراكي ينتظر: من يحسم مصير نايف أكرد بين غرفة العلاج وقائمة أمم أفريقيا؟
نايف أكرد يعيش لحظة معقدة ومهمة في مسيرته، بين سباق اللحاق بكأس أمم إفريقيا 2025 بعد إصابة مقلقة في مارسيليا، وبين تثبيت مكانه كقائد دفاعي لأسود الأطلس على أرض المغرب وسط انتظارات جماهيرية هائلة.
المدافع الهادئ القادم من أكاديمية محمد السادس تحول إلى رمز لـ«مشروع الكرة المغربية الجديد»، لكنه يدخل هذه الفترة تحت ضغط الزمن والجاهزية البدنية قبل كأس قارية تُقام في بلده.
إصابة مقلقة وسباق مع الزمن
تعرض نايف أكرد لإصابة في الفخذ (مرتبطة بمشكلة مزمنة في عضلة الحوض) خلال فوز أولمبيك مارسيليا 3-0 على بريست، اضطرته لمغادرة الملعب في الدقيقة 79 وسط قلق كبير من الجهاز الفني.
المدير الفني روبرتو دي زيربي وصف إصابة أكرد بأنها “الخبر السيئ في ليلة الانتصار”، وأكد أنه يعاني من تجدد آلام المنطقة نفسها التي سبق أن أبعدته عن مباراة سابقة، مشددًا على حاجته للراحة والخضوع لفحوص دقيقة.
التقارير الفرنسية اعتبرت هذه الإصابة ضربة قاسي لمارسيليا الذي يعتمد على أكرد كقائد دفاعي في فترة عودة قوية للفريق في الدوري، خاصة أن النادي مقبل على مباريات حاسمة في الدوري، ودوري الأبطال، إضافة إلى كأس سوبر ستُلعب في الكويت أمام باريس سان جيرمان.
وجاءت الإصابة قبل أسابيع قليلة من انطلاق كأس أمم أفريقيا في المغرب، ما فجّر حالة توتر في الشارع الكروي المغربي حول إمكانية غيابه عن البطولة أو دخوله وهو غير مكتمل الجاهزية.
من الشك إلى العودة مع المنتخب
رغم القلق المبكر، أظهرت التطورات اللاحقة أن نايف أكرد يعمل على العودة في الوقت المناسب؛ إذ أشارت تقارير إلى أن مارسيليا وُفّق في استعادة خدماته جزئيًا قبل نهاية العام، مع خطة طبية توازن بين مشاركته مع النادي وتجهيزه للكان.
المدير الرياضي مهدي بنعطية أوضح أن النادي يسعى للاحتفاظ بأكرد وبيير أوباميانغ حتى منتصف ديسمبر قبل تسريحهم للمنتخبات، في محاولة للاستفادة منهم في المباريات الحاسمة قدر الإمكان دون المجازفة بحالتهم الطبية.
صور وتدوينات ظهرت لاحقًا أظهرت نايف أكرد يواصل التدريبات مع المنتخب المغربي قبل الكان، في إشارة واضحة إلى أن الجهاز الفني ما زال يعوّل عليه كعنصر أساسي في قلب الدفاع إلى جانب زميله أو من يخلف رومان سايس في محور الخلف.
هذا الحضور في المعسكر، حتى لو لم يصل اللاعب إلى 100% بدنيًا، يعكس مكانته الرمزية والفنية داخل المجموعة.
انتقاله إلى مارسيليا ودوره في الناديغادر نايف أكرد وست هام يونايتد بشكل نهائي إلى أولمبيك مارسيليا في صفقة أُنجزت الصيف الماضي، بعد فترة قضاها في النادي الإنجليزي شارك خلالها في 61 مباراة وساهم في التتويج بدوري المؤتمر الأوروبي 2023.
تقارير أكدت أن مارسيليا تعاقد مع المدافع الدولي المغربي بعقد يمتد لخمس سنوات، مع رؤية واضحة من دي زيربي للاستفادة من خبرته وهدوئه في بناء اللعب من الخلف واستقرار خط الدفاع.
في بداية تجربته الفرنسية الجديدة، أصبح أكرد أحد الأعمدة الأساسية في تشكيلة مارسيليا، حيث لعب معظم المباريات التي كان متاحًا فيها، قبل أن تبدأ المشاكل العضلية في الظهور وتفرض عليه فترات غياب متقطعة.
ومع ذلك، لا يزال يُنظر إليه على أنه ركيزة مشروع الدفاع الجديد للنادي في الليج 1 والمنافسات الأوروبية.
أكرد كرمز لـ«ثورة كرة القدم المغربية»يرتبط اسم نايف أكرد اليوم بمشروع أكاديمية محمد السادس التي أخرجت جيلًا جديدًا من نجوم المغرب، من بينهم أوناحي والنصيري وغيرهما من عناصر قائمة الكان 2025.
تقرير للاتحاد الأفريقي وصف أكرد بأنه «القلب الدفاعي الهادئ الذي يجسد المسؤولية» داخل منتخب المغرب، مشيرًا إلى أن تكوينه في الأكاديمية منحه شخصية لاعب يدرك أنه يمثل مشروعًا وطنيًا أكبر من الفرد نفسه.
اللعب في كأس أمم أفريقيا على أرض المغرب يحمل بالنسبة له بعدًا خاصًا؛ إذ عبر في تصريحات سابقة عن أن ارتداء قميص المنتخب في بطولة تُقام داخل المملكة «شرف يتجاوز كرة القدم»، ووجه الشكر للعاهل المغربي محمد السادس على الرؤية التي صنعت هذا الجيل من اللاعبين.
هذا البعد الرمزي يضيف طبقة أخرى من الضغط، لأن غيابه أو ظهوره وهو مصاب لن يكون مجرد حدث فني، بل ضربة رمزية لمشروع يُقدَّم باعتباره نموذجًا لقوة الكرة المغربية الحديثة.
ماذا يعني غيابه أو حضوره “ناقصًا” للمغرب؟
غياب نايف أكرد المحتمل أو مشاركته وهو غير في كامل جاهزيته يفرض على وليد الركراكي التفكير في سيناريوهات دفاعية بديلة، سواء عبر الاعتماد على مدافع محلي أقل خبرة أو إعادة توظيف لاعبين في مراكز غير مفضلة لسد الفراغ.
تاريخيًا، شهدت مشاركات أكرد مع المغرب في أمم أفريقيا وكأس العالم حالات تألق واضحة وأيضًا لحظات قاسية، مثل الهدف العكسي أمام الغابون في الكان، ما جعل اسمه حاضرًا دائمًا في النقاش حول استقرار الدفاع وحظوظ المنتخب في الأدوار الإقصائية.
وجوده في قائمة الكان 2025، حتى لو لم يلعب كل الدقائق، يمنح المنتخب وزنًا إضافيًا في غرفة الملابس وخبرة في إدارة اللحظات الصعبة، لكن المجازفة بلاعب لم يتعافَ بالكامل قد ترتد سلبيًا إذا تجددت الإصابة خلال البطولة.
لذلك يقف المنتخب بين خيارين: الإصرار على ضمه كقائد دفاعي مهما كان الثمن، أو اتباع نهج أكثر حذرًا يمنح الأولوية للجاهزية البدنية على حساب الاسم.










