يونايتد يشتكي للفيفا والمغرب يبتسم: هل يتحول مزراوي إلى نموذج جديد لصدام الأندية والمنتخبات؟
نصير مزراوي يعيش واحدة من أكثر الفترات زخمًا في مسيرته الاحترافية، بين تثبيت أقدامه في مانشستر يونايتد كأحد أهم الأوراق الدفاعية للمدرب، وبين تحوله إلى ركيزة أساسية في مشروع منتخب المغرب الباحث عن لقب تاريخي في كأس أمم إفريقيا 2025 على أرضه.
وبين ضغط نادٍ إنجليزي كبير يرفض التفريط في ظهيره متعدد الأدوار، واتحاد وطني يصر على التمسك بحقه في نجمه خلال البطولة، وجد اسم مزراوي نفسه في قلب أزمة جديدة بين الأندية والمنتخبات.
من بايرن إلى مانشستر يونايتد
رحل نصير مزراوي عن بايرن ميونخ في صيف 2024 لينضم إلى مانشستر يونايتد في صفقة بلغت قيمتها حوالي 17 مليون جنيه إسترليني، بعقد يمتد لأربع سنوات مع خيار التمديد لعام إضافي.
انتقاله أعاد لمّ الشمل بينه وبين إريك تن هاغ الذي منحه الانطلاقة الكبرى في أياكس، مع مشروع يعتمد على ظهيرين قادرين على البناء من الخلف واللعب بقدمين والتمركز في عمق الوسط عند الحاجة.
في موسمه الأول والثاني مع يونايتد، لعب مزراوي دورًا مهمًا كظهير أيمن وأحيانًا أيسر في خطة الثلاثي الدفاعي، وتمت الإشادة بقدرته على الخروج بالكرة تحت ضغط، ومرونته التكتيكية مقارنة بنموذج “الظهير التقليدي” الذي كان يمثله وان بيساكا.
ومع موسم 2025-2026، أصبح من العناصر التي يُبنى عليها هيكل الخط الخلفي، قبل أن تتداخل حسابات المنتخب مع جدول الفريق الإنجليزي.
صدام مانشستر يونايتد مع المنتخب بسبب الكان
مع اقتراب كأس أمم إفريقيا في المغرب، استدعى وليد الركراكي نصير مزراوي رسميًا لقائمة أسود الأطلس، ضمن خط دفاع يضم حكيمي، أكرد، وآخرين، مع الاعتماد عليه كلاعب أساسي في الرواق الأيمن أو كجناح دفاعي في خطة متقدمة.
تقارير إنجليزية أكدت أن يونايتد حاول تأجيل انضمامه لبضعة أيام حتى يشارك في مباراة مهمة أمام بورنموث في الدوري، لكن الاتحاد المغربي رفض الطلب وأصر على التزام اللاعب بموعد الانضمام المحدد قبل انطلاق البطولة.
هذا الرفض دفع مانشستر يونايتد إلى رفع شكوى للفيفا، معتبرًا أن النادي “تضرر بشكل غير عادل” من توقيت رحيل مزراوي عن إنجلترا، خاصة أنه كان عنصرًا أساسيًا في التشكيل خلال الأسابيع الأخيرة.
ورغم الشكوى، التحق اللاعب بالمعسكر وبدأ تحضيراته للبطولة، ليغيب عن عدد من مباريات يونايتد حتى نهاية مشوار المغرب في الكان، ما قد يصل إلى شهر كامل إذا بلغ الأسود النهائي.
الاستعداد للكان ودوره مع أسود الأطلس
قبل انطلاق كأس أمم إفريقيا، عبّر مزراوي في تصريحات إعلامية مع مانشستر يونايتد عن حماسه الكبير للمشاركة في بطولة تُقام على أرض بلاده، مؤكدًا أن “هذه لحظة للتوهج” وأن المغرب لم يعد يُنظر إليه كحصان أسود بل كقوة رئيسية تُحسب لها المنتخبات ألف حساب.
شدد على أن المنتخب “لا يملك رفاهية الفشل” في نسخة تُقام بالمغرب وبين جماهيره، خاصة بعد ما قدمه الفريق في كأس العالم 2022 وتصفيات كأس العالم المقبلة.
من الناحية الفنية، يعتمد الركراكي على مزراوي كجناح دفاعي/ظهير مرن قادر على الدخول للعمق في مرحلة البناء وخلق زيادة عددية في وسط الملعب، أو البقاء على الخط لإرسال العرضيات، وهو ما ظهر في الهدف الأول أمام جزر القمر، حين توغل على الجهة اليسرى ولعب كرة أرضية حاسمة لبراهيم دياز ليسجل.
هذه المرونة تمنح المغرب حلًا إضافيًا لفتح دفاعات المنتخبات المتكتلة، وتخفف الضغط عن حكيمي في الشق الهجومي.
بداية مشواره في كأس أمم إفريقيا 2025بدأ مزراوي مشواره في الكان 2025 بمباراة الافتتاح أمام جزر القمر على ملعب مولاي عبد الله، في لقاء انتهى بفوز المغرب 2-0، وساهم خلاله في بناء اللعب من الخلف وتدوير الكرة على الأطراف، مع قيامه بأدوار دفاعية واضحة في إغلاق الجهة التي يشغلها.
صفحات ومواقع رياضية مغربية وأفريقية احتفت بدخوله أجواء البطولة وهو في كامل جاهزيته، بعد بداية موسم شهدت بعض المتاعب البدنية قبل أن يتعافى ويستعيد مكانه أساسيًا في مانشستر يونايتد.
مع توالي المباريات، يتوقع أن يلعب مزراوي دورًا محوريًا في توازن الخط الخلفي، خصوصًا إذا تعقدت مسارات الأدوار الإقصائية أمام منتخبات قوية هجوميًا من غرب أفريقيا أو وسطها، وهو ما يجعل قدرته على القراءة الدفاعية وتغيير المراكز أثناء اللعب عنصرًا تكتيكيًا مهمًا.
نجاحه الفردي في الكان سيعزز أيضًا قيمته في يونايتد ومكانته في مشروع النادي الدفاعي للمواسم المقبلة.
بين ضغط النادي وطموح المنتخب
وجود مزراوي في قلب أزمة بين مانشستر يونايتد والمنتخب يسلط الضوء على إشكالية مزمنة في علاقة الأندية الأوروبية بالبطولات القارية الأفريقية، خاصة عندما يتعلق الأمر بلاعبين أساسيين في أندية تنافس على أكثر من جبهة.
من ناحية، يخسر يونايتد ظهيرًا مهمًا في فترة حساسة من الموسم، ومن ناحية أخرى، لا يمكن للمغرب أن يتخلى عن أحد أفضل عناصره في بطولة تُقام على أرضه وسط ضغوط تاريخية.
مزراوي نفسه حاول، في حواره مع إعلام يونايتد، تقديم صورة اللاعب القادر على التعامل مع الضغط، مؤكدًا أنه مر بمواقف عديدة ذات ضغط عالٍ وأن هذه الخبرة جعلته “شبه محصن” أمام التوتر داخل الملعب.
لكن الأكيد أن ما يقدمه في هذه البطولة سيُقرأ ليس فقط في ضوء أداء المغرب، بل أيضًا في سياق تقييم إدارة يونايتد للجدوى من الاحتفاظ به كقطعة أساسية رغم تعارض روزنامة النادي مع أجندة المنتخب.










