أصدرت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، حكما ابتدائيا غيابيا يقضي بسجن الوزير الأسبق والمرشح الرئاسي منذر الزنايدي لمدة 19 عاما مع النفاذ العاجل، في خطوة قضائية جديدة تثير الجدل في الأوساط السياسية التونسية.
قائمة التهم: من العصيان إلى الإرهاب
وجاء الحكم بعد أن أذنت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بفتح تحقيق قضائي ضد الزنايدي بتهم تشمل تكوين وفاق إرهابي، التحريض على الانضمام إليه، التآمر على أمن الدولة الداخلي، والاعتداء المقصود بتبديل هيئة الدولة، وفق تصريحات الناطقة الرسمية باسم القطب القضائي في سبتمبر 2024.
هل ينهي حكم الزنايدي مستقبله السياسي في تونس؟
ويفتح الحكم الصادر عن الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بسجن الوزير الأسبق منذر الزنايدي لمدة 19 عاما مع النفاذ العاجل، تساؤلات جوهرية حول مصير العمل السياسي للمعارضين التونسيين المقيمين في الخارج، ومدى قدرة هذه الأحكام على “تصفية” الساحة السياسية من المنافسين التقليديين.
الحصار القانوني والسياسي
يرى مراقبون أن الحكم لا يقتصر على كونه عقوبة جنائية، بل هو “إعدام سياسي” لواحد من أبرز الوجوه التي حاولت منافسة الرئيس قيس سعيد في انتخابات 2024.
فصفة “النفاذ العاجل” وتهم “الإرهاب” تترتب عليها نتائج قانونية قاسية، منها الإسقاط من الحقوق المدنية مما يعني الحرمان الأبدي من الترشح لأي منصب رسمي.
والملاحقة الدولية عبر “النشرة الحمراء” للإنتربول، مما يقيد حركة الزنايدي حتى خارج تونس.
المعارضة في الخارج.. صراع “عن بعد”
يأتي حكم الزنايدي بعد أشهر قليلة من حكم مماثل بحق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي (22 عاما)، مما يشير إلى استراتيجية قضائية تتعامل مع “معارضة الخارج” ككتلة مهددة للأمن القومي.
وجهة نظر السلطة تؤكد أن القضاء مستقل، وأن التهم تتعلق بالتحريض الفعلي على “العصيان” وتقويض الدولة عبر منصات التواصل.
وجهة نظر المعارضة تعتبر أن السلطة تستخدم “فزاعة الإرهاب” لغلق الباب أمام عودة أي كفاءة سياسية من الخارج، وتحويل المنافسة السياسية إلى قضايا جنائية.
هل انتهى المستقبل السياسي للزنايدي؟
واقعيا، يجعل هذا الحكم من عودة الزنايدي إلى تونس “انتحارا سياسيا” ومجازفة بالسجن الفوري، لكن تاريخيا، غالبا ما كانت الأحكام الغيابية في تونس تسقط أو تعاد المحاكمة فيها مع تغير الموازين السياسية.
إلا أنه في المدى المنظور، يبدو أن النظام الحالي نجح في “تحصين” المشهد الداخلي من تأثير معارضي الخارج، محولا ثقلهم من “لاعبين سياسيين” إلى “ملاحقين قضائيين”.
سياق سياسي معقد
يعد منذر الزنايدي (مواليد 1950) أحد أبرز الوجوه السياسية التي شغلت مناصب وزارية حيوية (الصحة، التجارة، النقل) في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وهو مقيم في فرنسا منذ عام 2011.
وكان الزنايدي مرشحا بارزا، ورغم صدور أحكام قضائية إدارية لصالحه بإعادته للسباق، إلا أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات استبعدته نهائيا.
ويندرج هذا الحكم ضمن سلسلة من الأحكام المشددة ضد معارضين في الخارج؛ حيث سبقه حكم بسجن الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي لمدة 22 عاما في يونيو 2025.
و رغم أن الحكم ابتدائي وقابل للاستئناف، إلا أن صفة “النفاذ العاجل” تعني تفعيل ملاحقته دوليا فورا، مما يعمق أزمة المعارضة التونسية في الخارج ويضع الزنايدي تحت طائلة الملاحقة القانونية الدولية.










