في توقيت حساس يتقاطع فيه العمل الدبلوماسي مع التوتر الميداني، اندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، وسط تبادل للاتهامات بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ووزارة الداخلية السورية حول الطرف المسؤول عن خرق الاتفاقات المبرمة، بالتزامن مع استقبال الرئيس السوري أحمد الشرع وفدا تركيا بفيادة وزير الخارجية هاكان فيدان.
روايات متضاربة واشتباكات ميدانية
رواية “قسد”: أعلنت القوات أن فصائل موالية للحكومة شنت هجوما واسعا على الحيين ذوي الأغلبية الكردية، بعد استهداف نقطة تفتيش تابعة لقوى الأمن الداخلي (الأسايش)، مؤكدة أن السكان والقوات المحلية يتصدون للهجوم لحماية المنطقة.
رواية وزارة الداخلية: اتهمت الوزارة في بيان لها قوات “قسد” ببدء إطلاق النار على الحواجز الأمنية المشتركة، معتبرة ذلك خرقا واضحا للاتفاقات المبرمة التي تهدف إلى الحفاظ على استقرار المدينة.
خلفية التوتر: الحيان “الجيب” المستقل
يعد حيا الشيخ مقصود والأشرفية بمثابة “جيب” إداري وعسكري لقوات “قسد” داخل حلب منذ عام 2012. ورغم سقوط نظام الأسد في أواخر 2024 وسيطرة الحكومة الانتقالية على المدينة، حافظ الحيان على استقلال إداري جزئي.
وكان الجانبان قد وقعا في أبريل 2025 اتفاقا من 14 بندا لدمج الخدمات والانتشار الأمني المشترك، إلا أن هذا الاتفاق تعرض لهزات عنيفة، كان أبرزها اشتباكات أكتوبر الماضي، وصولا إلى توترات ديسمبر الجاري التي تشمل مخاوف من عمليات قنص وخطف.
الارتباط بزيارة الوفد التركي لدمشق
تأتي هذه التطورات الميدانية بالتزامن مع وجود وفد تركي رفيع المستوى في دمشق (يضم وزيري الخارجية والدفاع ورئيس المخابرات). وتلقي هذه الاشتباكات بظلالها على طاولة المباحثات، حيث:
الاتهامات التركية: تتهم أنقرة قوات “قسد” بالمماطلة في تنفيذ التزاماتها قبل نهاية العام الجاري.
الموقف السوري: يسعى المسؤولون في دمشق لإظهار تقدم في ملفات الأمن والاستقرار، بينما تبدو بؤر التوتر في حلب عائقا أمام إتمام التفاهمات الإقليمية.
البعد الإقليمي: تزامنت التصريحات التركية مع انتقادات لإسرائيل بتبني سياسات “مزعزعة للاستقرار” في جنوب سوريا، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني الكلي للبلاد.
مخاوف من انفجار الموقف
يسود القلق بين سكان الحيين من تحول هذه الاشتباكات إلى حصار طويل أمد أو مواجهة شاملة تنهي حالة “التعايش الهش” التي صمدت لأشهر. وحتى لحظة إعداد الخبر، لم تصدر قيادة “قسد” أو الجانب الإسرائيلي تعليقا فوريا على تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأخيرة حول الموعد النهائي المحدد نهاية العام.










