من غرفة الاجتماعات إلى قاعة الأزمة: كيف حوّل وفد الجزائر صورة الملك محمد السادس إلى ملف سياسي قبل صافرة الافتتاح؟
اندلعت أزمة جديدة بين بعثة منتخب الجزائر لكرة القدم وإدارة أحد الفنادق بالعاصمة الرباط، بعد قيام أحد أفراد الوفد بمحاولة حجب صورة الملك محمد السادس داخل فندق «ماريوت» الذي يستضيف المنتخب خلال مشاركته في كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025، في تصرّف وُصف في الإعلام المغربي بأنه «استفزاز رمزي» يمسّ احترام رموز الدولة والضيافة.
وبينما سارع الفندق لتصحيح الوضع وتوجيه تنبيه رسمي للبعثة، انقسمت ردود الفعل بين من يطالب بعقوبات من «الكاف» ومن يحمّل الإعلام مسؤولية تضخيم حادثة فردية قد تتحول إلى شرخ جديد بين جماهير المغرب والجزائر.
تفاصيل الواقعة داخل فندق ماريوت
وفق تقارير صحفية مغربية متطابقة، جرى الحادث داخل إحدى قاعات الاجتماعات المخصصة لبعثة منتخب الجزائر بفندق «ماريوت» في الرباط، حيث أقدم أحد أعضاء الوفد على سحب ستارة أو قطعة قماش لحجب صورة الملك محمد السادس المعلقة في القاعة.
كاميرات المراقبة، بحسب المصادر ذاتها، رصدت الواقعة، ما دفع إدارة الفندق إلى التدخل الفوري وإعادة الصورة إلى وضعها الأصلي، مع توجيه ملاحظة صارمة للبعثة حول عدم جواز المساس بأي رمز من رموز الدولة المضيفة.
التقارير أشارت أيضًا إلى أن الأمر لم يتوقف عند الصورة، بل تضمن محاولة إخفاء العلم المغربي وسط أعلام المنتخبات المشاركة في البطولة، قبل أن تجري إعادة الأمور إلى نصابها بعد مراجعة التسجيلات والتنبيه على المسؤولين عن البعثة.
هذا السلوك اعتُبر من طرف وسائل إعلام مغربية «تصرفًا مقصودًا» وليس مجرد خطأ بروتوكولي، خاصة أنه جاء في سياق توتر سياسي وإعلامي سابق بين البلدين.
رد فعل الفندق والسلطات و«الكاف»إدارة فندق ماريوت وجّهت تنبيهًا رسميًا مكتوبًا للبعثة الجزائرية، تؤكد فيه رفضها التام لأي تصرّف يمسّ برموز المملكة أو يسيء لصورة الفندق والبلد المنظم أمام الوفود الأخرى.
كما أفادت تقارير أن مسؤولي الفندق وضعوا ما جرى في تقرير مفصل رُفع إلى اللجنة المنظمة المحلية وإلى ممثلين عن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
مصادر إعلامية مغربية تحدثت عن أن «الكاف» وجّه توبيخًا وتنبيهًا صارمًا لبعثة الجزائر، مذكّرًا بميثاق الاحترام المتبادل بين المنتخبات وبأن أي إساءة لرموز الدول المستضيفة يمكن أن تترتب عنها إجراءات تأديبية.
في المقابل، لم يصدر بيان رسمي واضح من الاتحاد الجزائري يقر أو ينفي تفاصيل ما حدث، ما ترك الفراغ مفتوحًا أمام التحليلات والتأويلات المتباينة في الصحافة وعلى مواقع التواصل.
جدل إعلامي وشعبي بين التصعيد ورفض التسييس
الإعلام المغربي القريب من دوائر التنظيم وصف ما حدث بأنه «استفزاز مبكر» يهدف إلى التشويش على أجواء كأس الأمم في المغرب، معتبرًا أن من قام بالتصرف «لم يأت ليلعب كرة القدم بقدر ما جاء حاملاً أجندة رمزية عدائية».
بعض المقالات ذهبت أبعد من ذلك، متحدثة عن «عناصر مرتبطة بأجهزة أمنية» داخل الوفد تحاول إعادة إنتاج التوتر السياسي داخل فضاء رياضي كان يُفترض أن يكون مساحة للتهدئة والتقارب.
على الجانب الآخر، برزت أصوات مغربية وجزائرية معًا تحذر من الوقوع في فخ الاستقطاب، مشيرة إلى أن الواقعة – إن صحّت – قد تكون تصرفًا فرديًا لا يجوز تحميل جماهير البلدين أو المنتخب بأكمله تبعاته.
هذه الأصوات طالبت ببيان مشترك أو توضيحات رسمية تُنهي حالة الشحن، وتعيد التركيز إلى كرة القدم بدل جرّ البطولة إلى مساحة صراع الرموز والشعارات.
بين الرياضة والسياسة: دلالات أزمة صورة الملك
القانون المغربي يجرّم المساس برموز الدولة وعلى رأسها المؤسسة الملكية، لذلك نُظر إلى حجب صورة الملك داخل فندق رسمي يستضيف حدثًا قاريًا على أنه تجاوز للخطوط الحمراء، يتجاوز حدود سوء الأدب إلى دائرة «الاعتداء الرمزي على السيادة».
في سياق احتضان المغرب لكأس الأمم الإفريقية 2025 بهدف تقديم صورة بلد مستقر ومنفتح وقادر على تنظيم تظاهرة كروية كبرى، تأتي مثل هذه الحوادث لتختبر قدرة المؤسسات على الفصل بين الانفعال اللحظي والحزم القانوني.
في المقابل، يطرح نقاش آخر سؤالًا حول دور الإعلام في تضخيم أو تهدئة الأزمات؛ فبينما اختارت منصات عديدة لغة التصعيد والاتهام الجماعي للمنتخب الجزائري، ظهرت مواد أخرى تتحدث عن احتمال فبركة أو تضخيم للصور، أو عن اجتزاء سياق الواقعة لإبقاء نار التوتر مشتعلة بين الجمهورين.
هذا الجدل يكشف هشاشة شعار «الرياضة لا علاقة لها بالسياسة»، ويؤكد أن أي حركة داخل معسكرات المنتخبات الكبرى يمكن أن تتحول خلال دقائق إلى «قضية رأي عام» تتجاوز المستطيل الأخضر.










