تشهد العاصمة الصومالية مقديشو حالة من الاستنفار الأمني القصوى، وسط تقارير ميدانية تؤكد نجاح حركة الشباب في إحكام قبضتها على مناطق استراتيجية شمال العاصمة، مما يهدد بعزلها تماماً عن بقية الأقاليم. ويأتي هذا التصعيد في ذروة هجوم الحركة الواسع لعام 2025، الذي قلب موازين القوى في المناطق الوسطى.
سقوط “جاباد غودان” وقطع الشريان الساحلي
أكدت مصادر محلية ومحللون أمنيون سقوط مدينة “جاباد غودان” (بمنطقة شبيلي الوسطى) تحت سيطرة مقاتلي الحركة بعد اشتباكات عنيفة. ورغم إعلان الجيش الوطني الصومالي عن عملية مضادة في 21 ديسمبر أسفرت عن مقتل 15 مسلحاً، بينهم قادة بارزون مثل “جعفر عدن”، إلا أن الحركة تمكنت من تعزيز مواقعها في المنطقة الاستراتيجية الواقعة على بعد 50-70 كم شمال مقديشو.
وفي تطور خطير، بسطت الحركة سيطرتها على أجزاء واسعة من طريق “ورشيخ-مقديشو”، وهو طريق إمداد ساحلي حيوي يربط العاصمة بأقاليم جلجدود. وأقامت الحركة نقاط تفتيش عسكرية تعرقل وصول الإمدادات اللوجستية والتجارية، خاصة بعد سقوط بلدة “نور دوغلي” وانسحاب القوات الحكومية وميليشيات “الماكاويسلي” القبلية منها.
استراتيجية “التطويق البطيء”
يحذر خبراء أمنيون من أن تحركات الحركة الحالية تهدف إلى تنفيذ عملية “تطويق استراتيجي” لمقديشو من عدة جهات:
شمالاً: عبر التقدم الساحلي نحو “راج جيلي” و”عدال”، مما يهدد بعزل مدينة “جوهر” (عاصمة هيرشابيل).
جنوباً: عبر التوغل في “شبيلي السفلى” والسيطرة على ممرات طريق “أفجوي”.
سيبرانياً ولوجستياً: باستخدام تكتيكات متطورة تشمل طائرات بدون طيار، وسط تقارير عن روابط تسليح مع جهات إقليمية.
تراجع الميليشيات القبلية وضعف الرد الحكومي
أدى تراجع روح المعنوية والانقسامات القبلية إلى انسحاب ميليشيات “الماكاويسلي” من قطاعات حيوية، وهي التي كانت تشكل رأس الحربة في نجاحات الحكومة السابقة (2022-2023). وفي المقابل، تقتصر الردود الحكومية حالياً على غارات جوية محدودة (بدعم أمريكي) وعمليات خاطفة للجيش، دون وجود هجوم مضاد منسق وشامل لاستعادة المناطق المفقودة، وذلك تزامناً مع تحديات تقليص قوات بعثة الاتحاد الأفريقي.
الوضع الإنساني والسياسي
مع سيطرة الحركة على الطرق الرئيسية، بدأت أسعار السلع الأساسية في مقديشو بالارتفاع نتيجة تعطل خطوط الإمداد، وسط مخاوف من زعزعة الاستقرار السياسي قبل أي استحقاقات قادمة. ويُقدر عدد مقاتلي الحركة حالياً بين 7000 و12000 مقاتل، يمتلكون نفوذاً واسعاً في المناطق الريفية عبر فرض الضرائب وإدارة الموارد.










