.
ولا يهز الحكومة: إلى متى الرهان على الحظ بدل خطط الطوارئ؟
شهدت تايوان اليوم زلزالًا قويًا بلغت شدته نحو 6.0–6.1 درجة قبالة سواحلها الشرقية وجنوب شرقية الجزيرة، وهزّ مناطق واسعة من البلاد وشعر به السكان حتى العاصمة تايبيه، لكن من دون تسجيل أضرار أو خسائر بشرية كبيرة حتى الساعة وفق التقارير الأولية.
وقع الزلزال في منطقة نشطة زلزاليًا قرب مقاطعة تايتونغ وهوا لين وبعمق يقترب من 12 كيلومترًا، ما جعله محسوسًا بقوة في المباني، غير أن السلطات أكدت أن احتمالات الخسائر واسعة النطاق تبقى ضعيفة مع استمرار متابعة الموقف واحتمال رصد هزات ارتدادية.
تم تحديد مركز الزلزال في البحر قرب الساحل الجنوبي الشرقي لتايوان، على عمق يقارب 11.9 كيلومتر، مع تسجيل هزات محسوسة بوضوح في تايتونغ وهوا لين وامتداد الإحساس بها إلى العاصمة تايبيه حيث اهتزت المباني لثوانٍ.
السلطات الزلزالية في تايوان أوضحت أن موقع الهزة يأتي ضمن نطاق الحزام الزلزالي النشط المحيط بالجزيرة، والذي شهد خلال الأسابيع الأخيرة سلسلة من الهزات المتوسطة ما بين 4 و5.7 درجة في شرق البلاد والمناطق البحرية القريبة.
هذا النشاط المتكرر يعيد التذكير بأن ما حدث اليوم ليس استثناءً، بل حلقة جديدة في سجل طويل من الزلازل التي تختبر جاهزية البنية التحتية وخطط الطوارئ كل بضعة أشهر.الخسائر الأولية ورد فعل السلطاتحتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تُسجَّل تقارير مؤكدة عن انهيارات كبيرة أو خسائر بشرية، واكتفت السلطات بالإشارة إلى عدم وجود أضرار جسيمة أو وفيات، مع احتمال وجود أضرار محدودة في بعض المباني أو الطرق قيد الحصر.
الدفاع المدني ووكالة الإطفاء الوطنية أكدوا أنهم لم يتلقوا بلاغات واسعة عن إصابات، وأن معظم الاتصالات تعلقت بحالات ذعر وتشققات طفيفة وسقوط بعض الأغراض المنزلية من الأرفف في المناطق الأقرب إلى مركز الهزة.
الجهات المختصة أطلقت فحصًا روتينيًا لشبكات الكهرباء والسكك الحديدية والمترو، مع مراجعة سلامة الجسور والأنفاق الحيوية التي سبق أن خضعت لتعزيزات مضادة للزلازل بعد هزات سابقة أكبر شهدتها البلاد في السنوات الماضية.
كما جرى تذكير السكان عبر وسائل الإعلام الرسمية بتعليمات الاحتماء داخل المنازل، والاستعداد لهزات ارتدادية محتملة خلال الساعات أو الأيام التالية، وهو سيناريو شائع في هذه الدرجة من القوة.
جدل البنية التحتية والاستعداد المجتمعي
سجل تايوان الحافل بالزلازل دفع الحكومات المتعاقبة إلى تبني معايير بناء صارمة نسبيًا، تجعل معظم المباني الحديثة قادرة على تحمل هزات قوية دون انهيار شامل كما حدث في كوارث سابقة.
لكن أصواتًا سياسية ومجتمعية تحذر منذ سنوات من أن هذه الإجراءات لا تُطبَّق بنفس الصرامة على كل المباني القديمة أو في المناطق الريفية والبلدات الأصغر، حيث قد لا تكون عمليات التدقيق والتحديث بنفس المستوى الموجود في تايبيه والمدن الكبرى.
زلزال اليوم، رغم محدودية خسائره، يفتح من جديد سؤال العدالة في الحماية الزلزالية: هل يحق لسكان الأبراج الحديثة فقط أن يشعروا بالأمان النسبي، بينما يبقى سكان المباني الأقدم تحت رحمة «الحظ» عند كل هزة قوية؟
كما يثير النقاش حول كفاية حملات التوعية العامة، إذ تشير تقارير محلية إلى أن جزءًا من السكان، خاصة كبار السن أو الفئات الأقل تعليمًا، لا يزال يفتقر لمعرفة دقيقة بإجراءات الاحتماء والتصرف خلال أول ثواني الزلزال الحاسمة.
بين تجربة الأمس وهاجس الغد
خلال الأشهر الماضية، شهدت تايوان أكثر من زلزال متوسط القوة في شرق الجزيرة، بعضها تراوح بين 5 و5.7 درجة، وتسبب بهزات ملحوظة دون أن يتحول إلى كارثة واسعة، ما خلق شعورًا متناقضًا بين «الاعتياد» و«القلق الدائم» لدى السكان.
ومع كل هزة جديدة، يعود إلى الأذهان شبح الزلازل الكبرى التي ضربت الجزيرة في العقود الماضية وأوقعت مئات القتلى، وهو ما يجعل أي خبر عن زلزال فوق 6 درجات حدثًا يتجاوز حدود الأخبار العاجلة إلى سؤال سياسي واجتماعي عن الاستعداد لما هو أسوأ.
زلزال اليوم قد يُسجَّل رسميًا كحادث «قوي بلا كارثة»، لكنه يضيف نقطة جديدة في ملف حساس بين حكومة تُبرز نجاحها في تقليل الخسائر عبر معايير البناء والتحذير المبكر، ومعارضة ترى أن الخطورة الحقيقية لا تكمن في زلزال وقع ومر بسلام، بل في زلزال قادم قد لا تمنح قوته السكان فرصة ثانية لتصحيح أخطاء الاستعداد والرقابة والشفافية.










