تحذير غير مسبوق من التحالف العربي بشأن حضرموت، وتهديد بالتدخل المباشر لحماية المدنيين وسط تصاعد التوتر مع المجلس الانتقالي. ماذا يجري خلف الكواليس؟
في لهجة غير معتادة، أعلن تحالف دعم الشرعية استعداده للتعامل المباشر مع أي تحركات عسكرية تهدد مسار خفض التصعيد في حضرموت، تحت شعار حماية المدنيين. بيان يبدو في ظاهره إنسانيًا، لكنه يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات سياسية وأمنية عميقة حول حقيقة ما يجري في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية حساسية.
وقال المتحدث الرسمي باسم التحالف، اللواء الركن تركي المالكي، إن قيادة القوات المشتركة ستتعامل بحزم مع أي تحركات عسكرية مخالفة لمسار التهدئة، مشيرًا إلى أن هذا الموقف جاء استجابة لطلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد العليمي، لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين من الانتهاكات الخطيرة التي تقوم بها عناصر مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت.
وأوضح المالكي أن التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة، يواصل جهوده المكثفة لخفض التصعيد ومنع انزلاق الأوضاع إلى مواجهات عسكرية جديدة، لافتًا إلى العمل على إخراج قوات المجلس الانتقالي من المواقع والمعسكرات التي تسيطر عليها، وتسليمها لقوات “درع الوطن”، بما يمكّن السلطات المحلية من أداء مهامها الأمنية والإدارية بشكل كامل.
صراع نفوذ أم حماية للمدنيين؟
ورغم أن التحالف يقدّم تحركاته تحت عنوان حماية المدنيين، يرى مراقبون أن المشهد الميداني يعكس صراع نفوذ متصاعد داخل معسكر الشرعية نفسه. فالمجلس الانتقالي الجنوبي يُعد شريكًا سياسيًا في السلطة، لكنه بات يُصنَّف ميدانيًا كعامل تهديد للاستقرار، ما يكشف عن تناقضات عميقة في بنية التحالفات السياسية والعسكرية في اليمن.
وتثير مسألة تسليم المعسكرات لقوات “درع الوطن” تساؤلات حول ما إذا كانت الخطوة تهدف إلى تهدئة الأوضاع فعلًا، أم إلى إعادة ترتيب موازين القوة في حضرموت، استعدادًا لمرحلة سياسية وأمنية جديدة.
تناقضات داخل التحالف
ويزداد المشهد تعقيدًا مع تأكيد التحالف استمرار الشراكة السعودية–الإماراتية، في وقت يُنظر فيه إلى أبوظبي باعتبارها الداعم الأبرز للمجلس الانتقالي الجنوبي. هذا التناقض يعكس هشاشة التفاهمات داخل التحالف العربي، ويطرح علامات استفهام حول مستقبل التنسيق الإقليمي في الملف اليمني، خاصة في ظل تصاعد الخلافات بين الأطراف المحلية.
حضرموت على مفترق طرق
حضرموت، التي ظلت لفترة طويلة بعيدة نسبيًا عن المواجهات المباشرة، تجد نفسها اليوم أمام سيناريوهات مفتوحة، وسط مخاوف من أن تتحول إلى ساحة صراع جديدة، يدفع ثمنها المدنيون. وبين دعوات التحالف لضبط النفس والانخراط في الحلول السلمية، يبقى السؤال مطروحًا: هل ينجح مسار خفض التصعيد، أم أن المحافظة مقبلة على مرحلة أكثر توترًا؟
ويؤكد مراقبون أن ما يجري في حضرموت يتجاوز كونه تحركات عسكرية محدودة، ليعكس أزمة أعمق تتعلق بتداخل السياسة بالسلاح، وهشاشة التوافقات داخل معسكر الشرعية، ما يجعل خفض التصعيد في اليمن مهددًا بالانهيار عند أول تعارض في المصالح.










