خيّم الحزن على الوسط الفني والثقافي في مصر والعالم العربي، اليوم السبت، برحيل المخرج السينمائي الكبير داوود عبد السيد، أحد أبرز أعمدة “الواقعية الجديدة” في السينما المصرية، وصاحب الرؤى الفلسفية الفريدة، الذي غيبه الموت عن عمر ناهز 79 عاماً بعد صراع مع المرض.
إعلان الرحيل وتفاصيل العزاء
أعلنت الكاتبة الصحفية كريمة كمال، زوجة المخرج الراحل، خبر الوفاة عبر حسابها الرسمي على “فيسبوك” بكلمات مؤثرة، ناعية “أغلى ما عندها”.
ومن المقرر أن يقام عزاء المخرج الراحل في تمام السادسة من مساء الاثنين المقبل (29 ديسمبر)، بكنيسة مارمرقس بمصر الجديدة (قاعة يوسف النجار).
مسيرة استثنائية: 9 أفلام غيرت وجه السينما
على مدار أكثر من 30 عاماً، لم يكن داوود عبد السيد مخرجاً غزيراً بالإنتاج الكمي، لكنه كان الأعمق أثراً؛ حيث قدم 9 أفلام سينمائية فقط، كتب سيناريو 8 منها بنفسه، مفضلاً التعبير عن “المهمشين” والتجارب الإنسانية الوجودية.
أبرز المحطات والجوائز:
ثلاثية الخلود: اختار مهرجان دبي السينمائي الدولي (2013) ثلاثة من أفلامه ضمن قائمة “أهم 100 فيلم عربي”، وهي: “الكيت كات” (1991)، “أرض الخوف” (1999)، و“رسائل البحر” (2010).
جوائز دولية: حصد فيلمه الأيقوني “أرض الخوف” جائزة الهرم الفضي من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وجائزة السيناريو من مهرجان البحرين، بالإضافة لجوائز أفضل فيلم وإخراج من جمعية الفيلم.
رصد الواقع: ضمت قائمة أعماله روائع أخرى مثل “البحث عن سيد مرزوق”، “سارق الفرح”، “مواطن ومخبر وحرامي”، وآخر أعماله “قدرات غير عادية” (2015).
مدرسة “الواقعية الساحرة”
بدأت رحلة عبد السيد الاحترافية عقب تخرجه في معهد السينما عام 1967، حيث عمل مساعداً لكبار المخرجين مثل يوسف شاهين في فيلم “الأرض” وكمال الشيخ في “الرجل الذي فقد ظله”. تميزت مدرسته بالآتي:
السينما التسجيلية: شغفه برصد المدينة وأهلها بدأ من أفلام تسجيلية هامة مثل “وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم” (1976).
الغوص في النفس: لم تكن أفلامه رصداً سطحياً للواقع، بل كانت غوصاً في أعماق النفس البشرية وتساؤلاتها حول الهوية والحرية.
التأني والإبداع: عُرف بتمهله الشديد في اختيار مواضيعه، فكان لا يخرج عملاً إلا إذا كان يحمل قضية تؤرقه، مما جعل أعماله تتجاوز حدود الزمن.
رحل داوود عبد السيد، تاركاً خلفه “رسائل بحر” فنية لن تنضب، وشخصيات خالدة مثل “الشيخ حسني” و”يحيى المنياوي”، ليبقى إرثه السينمائي مرجعاً حياً وملهماً للأجيال القادمة من صناع الفن السابع.










