المراسم الرسمية لتأبين الفريق محمد علي أحمد الحداد ومرافقيه أُقيمت في طرابلس بحضور رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي وكبار المسؤولين العسكريين والمدنيين، حيث تم الإعلان عن ترقية الحداد بعد وفاته إلى رتبة مشير وترقية الضباط الآخرين الذين فقدوا حياتهم في الحادث. التحقيق في تحطم طائرة الحداد قرب أنقرة مستمر بالتنسيق مع السلطات التركية، مع إرسال مسجل بيانات الرحلة إلى المملكة المتحدة لتحليله، وسط متابعة دقيقة للبعد السياسي والعسكري للحادث
طرابلس – 28 ديسمبر 2025
أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة أن التحقيقات الجارية في حادث تحطم الطائرة التي أودت بحياة رئيس أركان الجيش الليبي الفريق محمد علي أحمد الحداد، تسير «بأقصى درجات المصداقية والدقة»، وبالتنسيق الكامل مع السلطات التركية، في وقت لا تزال فيه تساؤلات سياسية وأمنية حاضرة بقوة حول ملابسات الحادث وتوقيته.
جاءت تصريحات الدبيبة خلال مشاركته في مراسم التأبين الرسمية التي أُقيمت أمس في طرابلس، عقب وصول جثامين الحداد ومرافقيه من تركيا، بعد استكمال إجراءات التعرف عبر البصمة الوراثية (DNA). وأوضحت السلطات أن الفحوص الجينية أُجريت من قبل الجهات التركية المختصة، عبر مطابقة العينات مع تلك المقدمة من أسر الضحايا، في إجراء يعكس حساسية الحادث وتشابك أبعاده الدولية.
مراسم رسمية ورسائل سياسية
وشهدت مراسم التأبين، التي أُقيمت بمقر وزارة الدفاع، حضور رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس الأركان بالإنابة صلاح الدين النمروش، إلى جانب عدد من الوزراء وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. وخلال المناسبة، أعلن المنفي ترقية الحداد بعد وفاته إلى رتبة مشير، مع إصدار قرارات بترقية الضباط الآخرين الذين لقوا حتفهم في الحادث، في خطوة تحمل دلالات رمزية ورسائل سياسية داخل المؤسسة العسكرية.
وقال المنفي إن «فقدان محمد الحداد لا يخص عائلته أو القوات المسلحة فقط، بل يمس ليبيا بأكملها»، في تأكيد على مكانة الرجل ودوره المحوري في مرحلة شديدة التعقيد من تاريخ البلاد.
تفاصيل الحادث ومسار التحقيق
وكانت الطائرة الخاصة من طراز Dassault Falcon 50 قد تحطمت يوم الثلاثاء الماضي، 23 ديسمبر، قرب العاصمة التركية أنقرة، بعد وقت قصير من إقلاعها، أثناء رحلة كانت تقل وفدًا عسكريًا ليبيًا. وضمّت الطائرة ثمانية أشخاص: خمسة ليبيين وثلاثة من طاقم الطائرة، بينهم طياران فرنسيان ومضيفة من أصول يونانية-قبرصية.
ووفقًا لبيانات حكومة طرابلس، تقرر إرسال مسجل بيانات الرحلة (الصندوق الأسود) إلى المملكة المتحدة لتحليله، بعد أن أعلنت ألمانيا عدم امتلاكها القدرة التقنية اللازمة لإجراء الفحوص المطلوبة، وهو ما يفتح بدوره باب التساؤلات حول الجوانب الفنية للحادث، ومسؤولية الجهات المختلفة المشاركة في التحقيق.
شخصية محورية في ملف توحيد الجيش
ويُعد محمد الحداد أحد أبرز القادة العسكريين في غرب ليبيا، ولعب دورًا محوريًا في الجهود التي رعتها الأمم المتحدة لإعادة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، المنقسمة منذ عام 2014، في ظل سنوات من الصراع المسلح، أبرزها حرب طرابلس (2019–2020) التي انتهت باتفاق وقف إطلاق نار لا يزال صامدًا حتى الآن.
وبينما تؤكد الحكومة التزامها بالشفافية، تبقى نتائج التحقيق المرتقبة محط أنظار الداخل الليبي والمجتمع الدولي، في حادث لا يُقرأ فقط بوصفه مأساة إنسانية، بل كحدث سياسي وأمني بالغ الحساسية، قد يترك بصمته على توازنات المشهد العسكري الليبي في المرحلة المقبلة.










