لماذا منعت تركيا فرنسا من التحقيق في سقوط طائرة رئيس الأركان الليبي؟
تحطم طائرة رئيس الأركان الليبي يثير جدلًا دوليًا بعد منع فرنسا من فحص الصندوق الأسود، واختيار بريطانيا كمحايدة. كل التفاصيل حول التحقيق والأسباب المحتملة للقرار التركي.
أثار قرار تركيا عدم السماح لفرنسا بفحص الصندوق الأسود للطائرة “فالكون 50” التي تحطمت في تركيا، جدلاً واسعًا، خاصة بعد اتفاق أنقرة وطرابلس على تكليف بريطانيا بهذه المهمة، بوصفها “دولة محايدة”، عقب اعتذار ألمانيا عن القيام بذلك لعدم توفر الإمكانات الفنية.
تفاصيل الحادث
أقلعت الطائرة من مطار أنقرة إيسنبوغا عند الساعة 2:17 بعد الظهر، متجهة إلى ليبيا. بعد 16 دقيقة، أبلغ الطاقم عن عطل كهربائي وطلب العودة اضطرارياً، إلا أن الاتصال انقطع عند الساعة 2:41 أثناء محاولة الهبوط، مع وجود فاصل زمني لا يتجاوز دقيقتين بين إعلان الطوارئ ووقوع الحادث.
عُثر على الحطام في أرض زراعية قرب موقع التحطم، وأكدت السلطات التركية أن التحقيق في أسباب الحادث سيُجرى بإشراف دولة محايدة لضمان الشفافية والدقة.
اختيار بريطانيا كمحايدة
بعد مراجعة أربع دول أخرى قادرة على فحص الصندوق الأسود، اتفق كل من اللجنة الليبية ومصلحة الطيران المدني والمدعي العام التركي والنائب العام الليبي على تكليف بريطانيا بهذه المهمة، بينما أُسند للخبراء الفرنسيين المشاركة في التحقيق، لكن دون الوصول إلى الصندوق الأسود مباشرة.
أسباب استبعاد فرنسا
يشير مراقبون إلى أن فرنسا، بصفتها الدولة المصنعة للطائرة، تمتلك خبرة فنية متقدمة لفك شفرة بيانات الصندوق الأسود، لكن التوترات السياسية والتاريخية بين أنقرة وباريس ربما كانت سببًا رئيسيًا في تحفظ تركيا على منح فرنسا المهمة.
التعقيدات الدولية
الحادثة تحمل طابعًا دوليًا معقدًا، إذ تتعدد الأطراف المعنية: دولة استئجار الطائرة، دولة تصنيعها، جنسيات الطاقم والركاب، مكان وقوع الحادث، شركات التأمين، وهيئات الطيران الدولية.
وأوضح الرئيس السابق لجهاز استخبارات القوات الجوية التركية غورسيل توكماكوغلو أن العطل الكهربائي قد يكون السبب المباشر للتحطم أو يؤدي إلى سلسلة من المشاكل الفنية، مؤكداً أن التحقيقات لم تصل بعد إلى استنتاج نهائي حول السبب الرئيسي.
الطائرة وأصولها
تعتبر “فالكون 50” طائرة رجال أعمال فرنسية الصنع، طورتها شركة “داسو” عام 1974، وتتميز بقدرتها على الطيران لمسافات طويلة. استُخدمت في مهام مدنية وعسكرية رفيعة المستوى، بما في ذلك نقل الشخصيات العسكرية والسياسية.
يُشار إلى أن اثنين من أفراد طاقم الطائرة يحملان الجنسية الفرنسية، وكانت أعمال الصيانة تُجرى في مدينة ليون الفرنسية، وفق مصادر دبلوماسية.
التصريحات الرسمية الليبية
أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، خلال مراسم عسكرية في طرابلس بعد وصول جثامين الضحايا، أن التحقيق يجري “بأقصى درجات الجدية والمسؤولية” وبالتعاون الكامل مع الجانب التركي. حضر المراسم رئيس هيئة الأركان العامة التركية وسفير أنقرة لدى ليبيا، في خطوة تؤكد التزام ليبيا بالشفافية.
الإجراءات المستقبلية
يركز التحقيق على الأدلة التقنية، تسجيلات الرحلات، أنشطة الطاقم، وسجلات صيانة الطائرة، مع إشراف مباشر من مكتب المدعي العام في أنقرة، بهدف الوصول إلى ملابسات الحادث بشكل دقيق وتحديد الأسباب الفنية والإنسانية.
تظل قضية تحطم طائرة الوفد العسكري الليبي محورًا حساسًا يجمع بين الجوانب الفنية والتحقيقية والتوترات الدبلوماسية، مع توقعات بأن يكون لفحص الصندوق الأسود البريطاني دور محوري في كشف ملابسات الحادث، سواء كان السبب أعطالًا تقنية، أو أخطاء تشغيلية، أو مزيجًا من العوامل.










