فاز فريق جنوب أفريقيا على منتخب زيمبابوى بنتيجة 3/2 فى مباراة مثيرة اليوم في كأس الأمم الإفريقية 2025 بالمغرب تتحول إلى «نهائي مبكر» على بطاقة العبور لدور الـ16، حيث دخل المنتخبان المواجهة في مراكش وكل منهما يرفع شعار «لا بديل عن التأهل» وسط سيناريوهات معقدة في المجموعة الثانية
اللقاء أقيم على ملعب جراند ستاد دي مراكش عند الرابعة عصرًا بتوقيت غرينتش (الخامسة مساءً بتوقيت المغرب، والسابعة بتوقيت القاهرة)، ليكون مسك ختام دور المجموعات لمنتخبين من إقليم واحد وحسابات مختلفة بين من يكفيه التعادل ومن لا يملك رفاهية سوى الانتصار.
سياق المجموعة ومعادلات التأهل
لمباراة تأتي كآخر محطة في مشوار المنتخبين بدور المجموعات، حيث يدخل جنوب أفريقيا اللقاء وهو في المركز الثاني في المجموعة الثانية، بينما تحتل زيمبابوي المركز الثالث، ما يجعل المواجهة مباشرة على بطاقة العبور خلف المتصدر المنتظر.
جنوب أفريقيا تحتاج فقط إلى تجنب الخسارة لضمان المرور إلى دور الـ16، إذ يكفيها التعادل لبلوغ الأدوار الإقصائية رسميًا.
في المقابل، تلعب زيمبابوي بشعار الانتصار ولا شيء غيره، لأن أي نتيجة أخرى تعني توديع البطولة مبكرًا والاكتفاء بشرف المحاولة في نسخة تقام على أرض عربية بعد مشوار إفريقي شاق في التصفيات.
وضع جنوب أفريقيا قبل اللقاء
منتخب جنوب أفريقيا يدخل مواجهة مراكش محمّلًا بأرقام متناقضة بين تاريخه القاري وطفرته الأخيرة في النتائج.
الفريق حقق فوزًا مهمًا على أنغولا في الجولة الافتتاحية من المجموعة، ليرسم لنفسه طريقًا مبكرًا نحو دور الـ16، لكنه ما زال يعاني من تذبذب نتائجه في مباريات الحسم الأخيرة بدور المجموعات في نسخ سابقة من البطولة.
ورغم أن البافانا بافانا لم يخسروا في آخر 11 مباراة قبل هذا اللقاء، فإن سجلهم في المباريات الختامية من دور المجموعات بالكان لا يبدو مثاليًا، حيث حققوا انتصارين فقط في آخر 11 مباراة ختامية، مع تعادلات وخسائر تكشف عن صعوبة حسم الأمور في الجولة الثالثة تاريخيًا.
ومع ذلك، يمتلك المنتخب الجنوب أفريقي أفضلية رقمية وتاريخية على زيمبابوي، إذ يظهر تفوقه في معظم المواجهات المباشرة خلال السنوات الماضية، ما يمنحه ثقة نسبية قبل الصدام في مراكش.
وضع زيمبابوي والدوافع النفسيةعلى الجانب الآخر، تصل زيمبابوي إلى مباراة مراكش وهي متمسكة بآخر خيوط الأمل في بلوغ ثمن النهائي بعد بداية مهتزة في البطولة.
المنتخب الملقب بـ«المحاربين» خرج بأول نقطة له في البطولة من تعادل ثمين أمام أنغولا، لكنه لا يزال يبحث عن فوز يعيد له الهيبة القارية، خاصة أن سجله في آخر 11 مباراة بكأس الأمم الأفريقية لا يضم سوى انتصار وحيد.
التاريخ يمنح زيمبابوي مفارقة ملفتة؛ فرغم معاناتها المستمرة في الأدوار الأولى، فإنها تملك سجلاً جيدًا في مباريات الجولة الثالثة من دور المجموعات، حيث فازت في ثلاث من خمس مباريات ختامية لعبتها عبر مشاركاتها السابقة في الكان، ما يجعل مواجهة جنوب أفريقيا فرصة لتكرار سيناريوهات «العودة المتأخرة».
ومع ذلك، تبقى نقطة الضعف الأبرز في سجل زيمبابوي هي العجز عن الحفاظ على نظافة الشباك، إذ لم يسبق لها أن خرجت بشباك نظيفة في 17 مباراة خاضتها في تاريخ مشاركاتها بالبطولة، وهو رقم يضع خط دفاعها تحت ضغط هائل أمام هجوم جنوب أفريقيا المتنوع.
أبعاد تكتيكية ونفسية للمواجهة
المباراة تحمل طابعًا تكتيكيًا معقّدًا؛ فجنوب أفريقيا مرشحة لأن تبدأ بحذر شديد، وهي تدرك أن التعادل يكفيها، ما قد يدفع المدرب إلى اعتماد تنظيم دفاعي متماسك والرهان على التحولات السريعة في المساحات خلف دفاع زيمبابوي.
في المقابل، لا تملك زيمبابوي رفاهية الانتظار أو المجازفة المحسوبة، بل ستكون مجبرة على رفع النسق الهجومي مبكرًا مع محاولة تسجيل هدف يربك الحسابات ويضع المنافس تحت ضغط غير معتاد في أجواء مراكش.
هذا التناقض في الاحتياجات سيحوّل اللقاء إلى معركة أعصاب بامتياز؛ فهدف مبكر لزيمبابوي قد يقلب الطاولة على جنوب أفريقيا ويُخرج أعصاب لاعبيها عن السيطرة، بينما يمنح التقدم المبكر للبافانا بافانا أفضلية كبيرة في فرض إيقاعهم وإجبار زيمبابوي على المغامرة المفتوحة.
أهمية المباراة لصورة المنتخباتبعيدًا عن الحسابات الرقمية، تبدو أهمية مباراة جنوب أفريقيا وزيمبابوي أكبر من مجرد بطاقة تأهل؛ فهي مواجهة تختبر مشروع كل منتخب على مستوى الصورة والهوية أمام جماهيره والقارة
جنوب أفريقيا تبحث عن استعادة بريقها التاريخي في البطولة بعد سنوات من النتائج المتذبذبة، وترى في حسم التأهل من مراكش رسالة مفادها أن الجيل الحالي قادر على الذهاب بعيدًا في الأدوار الإقصائية.
أما زيمبابوي، فتنظر إلى المباراة باعتبارها فرصة لإعلان ميلاد جيل جديد يرفض لعب دور «الضيف الشرفي» في الكان، ويسعى لكسر عقدة البدايات الباهتة عبر ختام مثير قد يصنع واحدًا من أبرز مشاهد دور المجموعات في نسخة المغرب 2025.
في كل الأحوال، تبقى الحقيقة الأبرز أن جنوب القارة بأكملها ستوجه أنظارها مساء اليوم إلى مراكش، حيث سيتحدد عبر 90 دقيقة فقط من يواصل الرحلة في أمم أفريقيا ومن يعود إلى بلاده محملاً بحقيبة من الأسئلة الصعبة.










