ليبيا – 29 ديسمبر 2025
حدّد مركز الأبحاث الأوروبي «لو ديبلومات» أربعة سيناريوهات محتملة للأوضاع في ليبيا عقب وفاة رئيس الأركان العامة بحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» المشير محمد الحداد في حادث طائرة أثناء عودته من أنقرة الأسبوع الماضي، معتبراً أن أسوأ التوقعات تشير إلى هشاشة أمنية وعسكرية في غرب البلاد، مما يطيل الأزمة السياسية ويعقّد جهود التسوية الوطنية.
السيناريوهات المتوقعة بعد رحيل الحداد
- استغلال الفراغ الأمني لتعزيز نفوذ الميليشيات : وفق التقرير، من المحتمل أن تستغل وزارة الداخلية الفراغ الاستراتيجي لتوسيع دور الميليشيات المحلية، وهو ما يزيد من حدة الشلل الأمني ويضعف مؤسسات الدولة، ويخلق حالة من الفوضى في المدن والمناطق الحيوية.
- تحرك عسكري محتمل من القيادة العامة: يشير المركز إلى احتمال قيام المشير خليفة حفتر بتحريك قوات القيادة العامة بدعم من قوى إقليمية وغربية نحو غرب ليبيا، مما قد يؤدي إلى تكوين تحالفات إقليمية جديدة، ويتيح لتركيا تعزيز وجودها العسكري في مناطق الغرب الليبي، وفق تحليلات «لو ديبلومات».
- زعزعة استقرار حكومة الوحدة الوطنية الموقتة: غياب كبار المسؤولين العسكريين قد يؤدي إلى صراعات على السلطة داخل حكومة الوحدة الوطنية الموقتة، وتصفيات حسابات بين التشكيلات العسكرية، الأمر الذي يعطل قدرة الحكومة على السيطرة على المؤسسات الأساسية ويزيد من اعتمادها على الدعم الخارجي.
- تعبئة شعبية ضد التدخل الأجنبي
قد يؤدي رحيل الحداد إلى احتجاجات شعبية ضد الميليشيات والوجود الأجنبي في غرب ليبيا، ما يخلق تحالفات تكتيكية بين الجماعات المحلية وبعض عناصر النظام السابق والجهات الأجنبية، بهدف حماية مصالحها وإعادة تنظيم الوضع الاستراتيجي.
الدور المحوري للحداد وتأثيره على الاستقرار الليبي
أوضح التقرير أن المشير الحداد كان من بين القلائل القادرين على التوفيق بين مصالح الشرق والغرب الليبي، ولعب دورًا محوريًا في اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» بعد اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، حيث أشرف على تنسيق الانسحاب ودمج الميليشيات في الهياكل الرسمية للجيش، كما تولى تدريب القوات الخاصة وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين لتأمين الحدود والمرافق الحيوية.
وأشار التقرير إلى أن وفاة الحداد تمثل «خسارة استراتيجية» تتجاوز المجال العسكري، لتشمل الاستقرار السياسي والمؤسسي وحماية البنية التحتية الحيوية مثل محطات الطاقة والموانئ والمنشآت النفطية، إضافة إلى مراقبة الحدود البرية والبحرية.
الوجود التركي في ليبيا وتداعياته
استعرض التقرير تمديد البرلمان التركي لقواته في ليبيا لمدة عامين، معتبرًا أن هذا الإجراء يعكس طموحات أنقرة في شرق المتوسط وشمال أفريقيا، وحماية طرقها البحرية والبنية التحتية الاقتصادية. وتشمل المواقع التركية قواعد استراتيجية في غرب ليبيا، مثل قاعدة الوطية الجوية، ومراكز تدريب في تاجوراء والخمس، ومنشآت بحرية وبرية في مصراتة، ومطار معيتيقة، ما يعزز سيطرتها على الأمن المحلي ويضعف السيادة الوطنية.
مواطن الضعف المؤسسية والأمنية في ليبيا
حذر المركز الأوروبي من أن غياب الحداد يمثل نقطة ضعف كبيرة للوزارة، حيث تواجه قيادة الأركان الجديدة تحديات كبيرة في تنسيق مختلف فروع الجيش، بينما تعزز الميليشيات نفوذها في طرابلس ومصراتة والزواية وترهونة بدعم خارجي، مما يزيد من التبعية للجهات الأجنبية ويهدد الاستقرار الوطني.
توصيات المركز الأوروبي
أكد التقرير ضرورة قيام الشركاء الدوليين بدور بناء لدعم تنفيذ خريطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة، مشددًا على أن غياب هذا التنسيق قد يعيد ليبيا إلى دائرة عدم الاستقرار والصراع، ويشير إلى أن قدرة الفاعلين المحليين على إدارة التوترات الداخلية ستحدد مستقبل الاستقرار في البلاد.










