في رسالة تاريخية وُصفت بأنها محاولة لإنقاذ السلام الإقليمي، دعا زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، الحكومة التركية إلى لعب دور “تيسيري وبنّاء” لإنجاح الاتفاق المبرم بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الجديدة في دمشق.
اتفاق 10 مارس آذار: المخرج من “الفوضى السورية”
أكد أوجلان في رسالته التي نقلها حزب “المساواة والديمقراطية الشعبي”، أن تنفيذ اتفاق “10 مارس آذار” الموقّع بين (قسد) ودمشق هو المفتاح لبناء نموذج سياسي ديمقراطي يتيح للشعوب إدارة نفسها بنفسها.
وأبرز ما جاء في رسالة أوجلان:
الدور التركي: اعتبر أوجلان أن انخراط أنقرة بشكل إيجابي في هذا الحوار “بالغ الأهمية لتعزيز سلامها الداخلي والسلام الإقليمي”.
الثورة الإيجابية: دعا زعيم حزب العمال الكردستاني إلى استبدال “الثورات السلبية” (الحروب والطغيان) بـ”ثورة إيجابية” تعيد بناء المجتمع بأساليب ديمقراطية وأخلاقية.
تحرر المرأة: شدد اوجلان على أنه “ما لم تتحرر المرأة، لا يمكن للمجتمع أن يتحرر”، معتبراً ذهنية السلطة الذكورية وقوداً لثقافة الحرب.
سباق مع الزمن: دمج القوات والمهلة الأخيرة
تأتي رسالة أوجلان (المؤرخة في 30 ديسمبر) عشية انتهاء المهلة المحددة لتنفيذ بنود الاتفاق مع دمشق، والتي تشمل دمج المؤسسات المدنية والعسكرية الكردية في هيكلية الدولة السورية.
سياق الأزمة الحالية:
موقف دمشق الجديدة: ترفض حكومة الرئيس أحمد الشرع (الذي تولى السلطة في ديسمبر 2024) مبدأ “اللامركزية” الذي يتمسك به قائد (قسد) مظلوم عبدي.
الضغط التركي: وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أكد من دمشق ضرورة دمج (قسد) في الجيش السوري لضمان وحدة البلاد، محذراً من أن “شركاء قسد بدأوا يفقدون صبرهم”.
و تسيطر الإدارة الذاتية (المدعومة أمريكياً) على حقول النفط والغاز الاستراتيجية، وهو ما يمثل نقطة التفاوض الأكثر سخونة مع النظام المركزي.
ترياق السلام ضد “استراتيجية الإمبريالية”
ووصف أوجلان منظور “المجتمع الديمقراطي” بأنه ضرورة تاريخية وترياق لمواجهة استراتيجية (فرّق، حرّض، واحكم) التي أغرقت الشرق الأوسط في صراعات طائفية وإثنية. وأضاف: “السلام الذي ندافع عنه ليس مجرد نتيجة، بل يجب أن يكون بداية جديدة تقضي على الكراهية”.
تمثل رسالة أوجلان “غصن زيتون” سياسي في توقيت حرج، حيث تسعى أنقرة ودمشق (في عهدهما الجديد) إلى إنهاء الوجود المسلح المستقل للأكراد، بينما يبحث الأكراد عن ضمانات لـ”النموذج الديمقراطي” في مواجهة نظام لا يزال يتمسك بالمركزية رغم التغيير الجذري الذي شهده هرم السلطة في سوريا.











