تقرير حديث لصندوق النقد الدولي يكشف عن الدول الأكثر عرضة لتباطؤ اقتصادي عالمي في 2026، مع تسليط الضوء على هشاشة الأسواق وضغوط النمو والديون المرتفعة
واشنطن – 31 ديسمبر 2025
مع دخول عام 2026، تواجه اقتصادات العالم تحديات غير مسبوقة نتيجة الصراعات الإقليمية، الضغوط المالية العالمية، والانتشار السريع للتكنولوجيا الجديدة، ما يضع دولاً كبرى أمام مخاطر الركود الاقتصادي. وأوضح تقرير حديث لآفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي أن النمو العالمي لا يزال ضعيفاً، فيما تتزايد المخاطر على الجانب السلبي بسبب “هشاشة الأسواق المالية والضغط الهيكلي على القوى العاملة”.
الولايات المتحدة: صدمات السوق وتهديد فقاعة الذكاء الاصطناعي
أدى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية تحت مسمى “يوم التحرير” في أبريل 2025 إلى اضطراب الأسواق، حيث دفعت الشركات لتكديس البضائع قبل دخول الرسوم حيز التنفيذ، ما أثار مخاوف الركود لاحقًا.
ورغم تعافي الاقتصاد الأمريكي جزئياً مع نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربعين الثاني والثالث من 2025، فإن سوق العمل يشهد تدهوراً مع زيادة عمليات التسريح، ويغرق المستهلكون في الديون، ما يخلق بيئة ضعيفة لأي صدمة اقتصادية محتملة.
وبحسب خبراء من جامعة هارفارد، تشكل أسهم الذكاء الاصطناعي ثلث مؤشر ستاندرد آند بورز 500 من حيث القيمة السوقية، وكانت مسؤولة عن أكثر من 90% من نمو الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من 2025. وحذر دين بيكر، مؤسس مركز البحوث الاقتصادية والسياسية، من أن انهيار فقاعة الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى خسائر تريليونية وانخفاض الاستهلاك، مع آثار امتدادها إلى أوروبا وبقية العالم.
أوروبا والمملكة المتحدة: تباطؤ النمو وخطر الانكماش
تشير التوقعات إلى أن أكبر الاقتصادات الأوروبية ستنمو بوتيرة أبطأ من المعدل العالمي البالغ 3.1%، مما يزيد احتمال تعرض فرنسا (0.9%)، وألمانيا (0.9%)، وإيطاليا (0.8%) لربعين سلبيين من انكماش الناتج المحلي الإجمالي، وسط مستويات ديون مرتفعة وعدم وضوح السياسة التجارية، إضافة إلى تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.
أما المملكة المتحدة، فقد خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو لعام 2026 إلى 1.3%، مع الإشارة إلى أن أي جهود مفرطة لمعالجة العجز المالي قد تدفعها نحو الركود، بينما يمكن أن توفر أي تسوية في الحرب الأوكرانية دفعة كبيرة للطلب على مستوى القارة.
الصين: هشاشة الاقتصاد وانكماش العقارات
يظل الاقتصاد الصيني هشاً بعد أكثر من أربع سنوات على انفجار فقاعة العقارات، حيث لم يستقر القطاع بعد، ويستمر الاستثمار العقاري في الانكماش، فيما تتأرجح البلاد على حافة دوامة الديون.
وتعتمد بكين بشكل كبير على صادرات التصنيع، التي تواجه ضغطاً إذا استمر انخفاض الشحنات إلى الولايات المتحدة، وسط ضعف الاستهلاك المحلي رغم جهود الحكومة للتحفيز. ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 4.2% في 2026، مع استمرار هشاشة الاقتصاد والتحديات المالية.
روسيا: تباطؤ النمو وضغوط العقوبات
واجه الاقتصاد الروسي تباطؤاً حاداً بعد سنوات من العقوبات والإنفاق الكبير المرتبط بالحرب على أوكرانيا. نمى الاقتصاد الروسي بمعدلات مرتفعة في 2023 و2024 بفضل صادرات الطاقة، إلا أن النمو تباطأ إلى 0.6% في الربع الثالث من 2025، مع توقعات نمو متواضعة بحوالي 1% في 2026.
وتتعرض روسيا لمخاطر تراكم الديون والعقوبات الجديدة، ما قد يدفع البلاد نحو انكماش شامل في حال استمرار الضغوط المالية والاقتصادية.
التوصيات والتحذيرات
يشير الخبراء إلى أن عام 2026 سيكون اختباراً حقيقياً لمرونة اقتصادات العالم الكبرى، وأن أي صدمة جديدة – سواء من فقاعة الذكاء الاصطناعي أو استمرار الصراعات الإقليمية – قد تدفع الدول الأكثر هشاشة نحو ركود محتمل.
ويؤكد التقرير على ضرورة مراقبة السياسات المالية والاقتصادية، وتعزيز إجراءات الحماية الاقتصادية، وتحسين الاستجابة للأزمات لتجنب الانزلاق نحو انكماش عالمي.










