اقتربت القاهرة من الخروج من التصنيف الدولي لـ التراث العالمي، في ظل استمرار هدم الجبانات الآثرية بدعوى تطوير العاصمة المصرية، وسط مناشدة من الآثريين والمعماريين المصريين بوقف هدم جبانات القاهرة,
الجبانات القاهرة التراثية تقع على مساحة 500 فدان والمنطقة السكنية المحيطة بجبانات صحراء المماليك، ذات القيمة التاريخية والثقافية.
وتـضم المنطقة كـنوزا مـعماريـة فـريـدة شـديـدة الـتنوع تـعبر عـن حـقبات مـن تـطور الـعمارة الجنائزية الممتدة عبر العصور، لا تقل قيمة عن تاج محل في الـهند.ويـصل عدد المقابر ذات القيمة التراثية إلى المـئات بـعضها مسجـل كـتراث مـميز عـلي قـائـمة الجهاز القومي للـتنسيق الـحضاري طبقا للقانون رقم ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦ .
وتـحتوي عـناصـر معمارية فريدة من تركيبات رخامية او حجرية تحمل اجمل نماذج الخط العربـي الذي يعد تراثا في حد ذاته، ومسجل ايضا علي قائمة اليونسكو، ومع ذلك جاري الان الازالة لهذه العناصر المعمارية والزخرفية بما يعرضها للنهب والسرقة والضياع، تقوم لجان وافراد بفك التركيبات وعرضها للبيع، بدون ابلاغ اصحاب الاحواش.
تستعد لجنة التراث العالمي، لعقد اجتماعها الدوري في الفترة من 10 إلى 25 سبتمبر 2023 في العاصمة السعودية، الرياض، وسط مخاوف أثريين من خروج القاهرة المسجلة كمدينة تراثية من التصنيف الدولي للتراث العالمي.
تعمل منظمة اليونسكو بشكل دوري على مراجعة مواقع التراث العالمي بصفة للوقوف على حالة المواقع، ومدى تأثرها بالتغيرات التي تطرأ عليها، وهل ما زالت تحافظ على الخصائص التي مكنتها من الانضمام إلى قائمة المواقع التاريخية حول العالم.
وفي وقت سابق نددت جمعية المعماريين المصريين بتدمير جبانات القاهرة التراثية، معتبر أنه ما يحدث في مصر، لم لم تشهده من قبل خلال أربعة عشرة قرنا منذ نشأتها إلى يـومـنا هـذا، كما لم تشهده حتي فترة الاحـتلال الاجـنبي أو مـن جـراء الحـروب والكوارث الطبيعية.
وقالت جمعية المعماريين المصريين في بيان لها “هـذه الجبانات جـزء مسجل ضمن الـقاهـرة التاريخية المسجلة على قائمة التراث العالمي، تحميها مواثيق عالمية وقوانين محلية، كما أنها مسجلة ايضا كمنقطة تراثية ضمن القاهرة التاريخية طبقا للقانون رقم ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ “.
وقد اكتسبت قيمتها التاريخية والتراثية لما لها من نسيج عمراني متميز ارتبط بمدينة العصور الوسطى وكذلك بمن ضمتهم في ثراها، أجيال متعاقبة من أبناء هذا البلد بجميع فئاته وطبقاته ورموزه ممن ساهموا في نهضة هذا البلد من علماء حكام وسياسيين وفنانين وأدباء وشعراء، واولياء الله الصالحين، وشهداء ضحوا بحياتهم في سـبيل الـدفـاع عـن تـراب هـذا الـوطـن، وفقا للبيان.
كما ناشد مئات من المهتمين والقائمين على حماية التراث المصري، وجمعيات وهيئات وأحزاب، وشخصيات عامة وسياسيون ومفكرون، معماريون وخبراء تراث، وممثلين عن أصحاب جبانات القاهرة التاريخية، الجهات المسؤولة وكل القوى والضمائر الحية العمل وقف مسلسل التعدي على منطقة جبانات القاهرة التاريخية وانتهاك التاريخ المصري، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن جريمة تدمير هذه المنطقة التراثية الفريدة من نوعها.
وأعلن المتضامنون، في بيان مشترك، عزمهم التوجه لتقديم بلاغ للنائب العام ضد كل من وزراء السياحة والآثار والأوقاف ومحافظ القاهرة بأشخاصهم وصفاتهم، وكذلك المسؤولين عن التنسيق الحضاري، وجميع الجهات المشاركة في أعمال الإزالة والهدم.
وطالبوا بفرض الحراسة اللازمة لمنع تبديد وتدمير المزيد من هذه المباني التاريخية وما تحويه من قطع أثرية نادرة، وسحب كافة معدات الهدم منها وتقييم الأضرار التي لحقت بهذه المنطقة.
وأشار البيان إلى أنه تم عرض حلول وبدائل عن الإزالة طرحتها لـجنة شـكلها مجـلس الـوزراء مـن المـتخصصين فـي التخـطيط الـعمرانـي والـحفاظ عـلى الـتراث، وأعدت دراسـة لجـدوى مشـروع الـطرق المرورية التي تخترق الجبانات الـذي بـدأ تـنفيذه عـام 2020 واضطلعت بتفنيده فنيا وأثبتت عـدم جـدواه مروريا واقتصاديا.
كما قدمت اللجنة البدائل التي تعتمد علي استغلال شبكة الطرق الحالية والمستحدثة وأقرت كفاءتها لعشر سنوات قادمة، دون المساس بـالـجبانـات الـتاريـخية، مع وضع رؤية لاستغلال الموقع للسياحة الدينية والثقافية، وكـذلـك حـل مـشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية بالمنطقة.
واضافوا “إلا أننا فوجئنا بعد تقديم هذا الاقتراح بمعاودة الهدم بـلا هـوادة وبكثافة أكـثر مـن ذي قـبل، كـأن هناك سـباق مـع الزمن لمحو جزء من تاريخ الأمة وذاكرتها وتراثها وقهر شعبها بنبش قبورهم وإهانة رفات ذويهم وتشتيتها.”.
وشدد المتضامنون على أنهم ناشدوا الجهات المسؤولة للتراجع عن مشروع شبكة الطرق المدمرة، ولجأوا إلى مجلس الدولة الذي رفض نظر الشق العاجل في دعواهم القضائية لوقف أعمال الإزالة بهذه المنطقة،