اتهمت منظمة العفو الدولية مصر باعتقال لاجئين سودانيين بطريقة تعسفية وجماعية قبل ترحيلهم قسراً إلى السودان، ودعت السلطات المصرية إلى وقف هذه الأعمال “غير المشروعة”، وذلك في تقرير أصدرته المنظمة الحقوقية يوم الأربعاء.
وتشهد السودان منذ أكثر من عام حرباً دامية بين القوات المسلحة النظامية وقوات الدعم السريع، مما أدى إلى أزمة إنسانية عميقة. وأفادت المنظمة في تقريرها بأن “ثلاثة آلاف شخص رُحِّلوا من مصر إلى السودان في سبتمبر 2023 وحده”، استناداً إلى تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ودانت المنظمة، التي تتخذ من لندن مقراً لها، الإبعاد القسري للاجئين السودانيين إلى “منطقة نزاع نشطة دون اتباع الإجراءات الواجبة أو إتاحة أي فرصة لطلب اللجوء”، مما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
وقالت سارة حشاش، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “من المستعصي فهم الإقدام على اعتقال النساء والرجال والأطفال السودانيين جماعياً بعدما عبروا الحدود فراراً من الصراع المسلح الدائر في بلادهم، ثم احتجازهم تعسفياً في ظروف سيئة ولا إنسانية، وترحيلهم بصورة غير مشروعة”.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عشرات الآلاف من السودانيين قُتلوا ونزح أكثر من تسعة ملايين شخص منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023. كما فر نحو مليوني شخص عبر الحدود، بما في ذلك نحو نصف مليون توجهوا إلى مصر. إلا أن منظمة العفو الدولية تقدّر أن يكون الرقم الحقيقي أعلى، نظراً لدخول كثيرين البلاد عبر معابر غير نظامية بعد قرار القاهرة المفاجئ بفرض تأشيرات دخول على جميع السودانيين في يونيو الماضي.
وأشار التقرير إلى أن مصر كانت موطناً لملايين من السودانيين لعقود عدة، حيث كانت النساء والفتيات والفتيان دون 16 عاماً والرجال فوق سن الـ49 معفيين من شروط الدخول.
ونقلت منظمة العفو عن شهادات للاجئين سودانيين أن بعضهم اعتُقل أثناء وجوده في المستشفى أو الشارع، مما بث شعوراً بالخوف في أوساط اللاجئين، وجعل كثيرين منهم يحجمون عن مغادرة منازلهم. ووصفت المنظمة الظروف داخل مراكز الاحتجاز بأنها “قاسية وغير إنسانية”، مشيرة إلى وجود بعض المراكز غير الرسمية، بما في ذلك “إسطبل للخيول داخل موقع عسكري”.
كما أشارت إلى “الاكتظاظ الشديد وعدم تيسر المراحيض ومرافق الصرف الصحي وقلة الطعام ورداءته والحرمان من الرعاية الصحية الكافية”.
وأكد التقرير أن السلطات المصرية أعادت “ما لا يقل عن 800 محتجز سوداني قسراً خلال الفترة بين يناير ومارس 2024”. وحذرت المنظمة الحقوقية الاتحاد الأوروبي من مخاطر “التواطؤ” في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات المصرية. ففي أكتوبر 2022، وقع التكتل ومصر اتفاقاً للتعاون بقيمة 80 مليون يورو يشمل بناء قدرات قوات حرس الحدود المصرية لمكافحة الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر عبر الحدود المصرية.
وقالت حشاش: “من خلال التعاون مع مصر في مجال الهجرة بدون ضمانات صارمة لحماية حقوق الإنسان، يخاطر الاتحاد الأوروبي بالتواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها مصر”. وأضافت: “يجب على الاتحاد الأوروبي الضغط على السلطات المصرية لحملها على اتخاذ تدابير ملموسة لحماية اللاجئين والمهاجرين”.
وأشارت المنظمة إلى أن مصر لا تسمح بإنشاء مخيمات للاجئين من جانب الأمم المتحدة أو غيرها من منظمات الإغاثة، بحجة أن اللاجئين وطالبي اللجوء لا يُحرمون من حق البحث عن عمل والسفر بحرية في البلاد.