تواجه جبهة البوليساريوتحديات متزايدة في سعيها الطويل الأمد للانفصال عن المغرب. يبدو أن دعمها الدولي يتضاءل تدريجياً، بينما تكتسب خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب زخماً متزايداً على الصعيدين الإقليمي والدولي.
الوضع الراهن:
في عام 1991، وافقت الرباط على خطة سلام للأمم المتحدة تضمنت إجراء استفتاء لتقرير مصير الصحراء الغربية. ومع ذلك، بدأت المغرب في عام 2007 الدفع نحو منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً محدوداً تحت السيادة المغربية، كبديل للاستقلال الكامل الذي تطالب به جبهة البوليساريو، المدعومة من الاتحاد الأفريقي وبلدان أفريقية أخرى، وفقا لتقرير حديث للمعهد الإفريقي للدراسات الأمنية ومقره بريتوريا.
التراجع في الدعم الدولي:
شهدت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تراجعاً ملحوظاً في الدعم الدولي لها:
التقليص في الاعتراف: انخفض عدد الدول التي تعترف بالصحراء الغربية إلى نحو 22 دولة، حيث سحبت عدة دول اعترافها أو جمدته، بينما اعترفت 22 دولة أفريقية بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
وفد من جبهة البوليساريو يزور بغداد لتعزيز التعاون مع الحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي العراقي
إيران تجدد دعمها لحركة البوليساريو وللطرح الانفصالي في الصحراء يثير غضب المغرب
التطورات الأخيرة:
الولايات المتحدة: في عام 2020، اعترف الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب بمطالبة المغرب بالصحراء الغربية، وهو ما تزامن مع توقيع اتفاقيات إبراهيم.
إسبانيا: دعمت في عام 2022 مطالب المغرب بشأن الحكم الذاتي.
فرنسا: أيد الرئيس إيمانويل ماكرون خطة الحكم الذاتي المغربية كـ “الأساس الوحيد” لحل النزاع، مما دفع الجزائر إلى استدعاء سفيرها من باريس ورفض قبول مواطنيها المرحلين.
النفوذ المغربي: نجح المغرب في تعزيز موقفه من خلال فتح قنصليات في ما يُسمى بـ “الأقاليم الجنوبية”، وإبقاء القضية بعيداً عن أجندة الاتحاد الأفريقي.
الردود الجزائرية: الجزائر، التي تعد من أبرز داعمي الصحراء الغربية، شهدت توترات مع المغرب بسبب هذه القضية، مما أثر على العلاقات الإقليمية.
استدعت الجزائر سفيرها من باريس احتجاجًا وبدأت أيضًا في رفض قبول مواطنيها المرحلين من فرنسا. كانت الجزائر وجنوب إفريقيا من أشد المؤيدين لجبهة البوليساريو. لقد سممت هذه القضية علاقاتهما مع المغرب لسنوات عديدة، على الرغم من أن بريتوريا اتخذت قرارًا عمليًا بعد إعادة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي في عام 2017 لاستعادة العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى السفراء الكامل.
التحديات التي تواجهها جبهة البوليساريو:
فقدان الدعم الشعبي: يرى بعض المسؤولين في جنوب أفريقيا أن جبهة البوليساريو لم تنجح في حشد الدعم الشعبي العالمي المماثل لما حشده المؤتمر الوطني الأفريقي ضد نظام الفصل العنصري، أو القضية الفلسطينية.
التسويق السياسي: تسعى جبهة البوليساريو لتسويق قضيتها على أساس أن موقف الأمم المتحدة يدعو إلى إجراء استفتاء يحدد مصير الصحراء الغربية، رغم التحديات الدولية.
مصادر: صفقة عسكرية بين الجزائر وإيران لصالح البوليساريو
تقرير أمريكي يكشف مخطط إيران والجزائر لاستهداف المغرب عبر تسليح البوليساريو بالمسيرات وتجنيد الشيعة
التقرير، الذي استند إلى تصريحات مسؤولين من بريتوريا فضلوا عدم الكشف عن هوياتهم، أفاد بأنهم بدأوا يفقدون الأمل ويلاحظون ضعفًا مستمرًا في الدعم الدولي لجبهة البوليساريو.
وأوضح التقرير أن الاعتراف الفرنسي والإسباني والأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية من خلال خطة الحكم الذاتي شكل ضربة قوية لطموحات البوليساريو، بالإضافة إلى نجاح المغرب في إبقاء القضية تحت إشراف الأمم المتحدة بدلاً من الاتحاد الإفريقي.
وأضاف التقرير نقلاً عن ليزل لوو فودران، المستشارة البارزة للاتحاد الإفريقي في مجموعة الأزمات الدولية، أن “نجاح المغرب في إبعاد قضية الصحراء الغربية عن أجندات الاتحاد الإفريقي كان ملحوظًا”.
ووفقاً للمصدر نفسه، اعترف محمد يسلم بيسات، المسمى “سفير البوليساريو بالاتحاد الإفريقي”، بصعوبة جبهة البوليساريو في حشد الدعم الدولي.
وشدد التقرير على أن الدعم لجبهة البوليساريو في إفريقيا يتضاءل، حيث تعترف بها الآن حوالي 22 دولة فقط، بينما سحبت دول أخرى اعترافها أو جمدته في السنوات الأخيرة في انتظار حل النزاع.
وفي الوقت نفسه، أدرجت العديد من الدول الإفريقية المغرب في قائمة العواصم التي فتحت قنصليات في مدينتي العيون والداخلة، مما يعني ضمنيًا الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.
الأمم المتحدة: من المتوقع أن يقر مجلس الأمن الدولي في أكتوبر الماضي موقف الأمم المتحدة الذي ينص على ضرورة إجراء استفتاء لتقرير مصير الصحراء الغربية.
المقاومة الدولية: من المحتمل أن تواجه خطة الحكم الذاتي المغربية مقاومة من بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن مثل الصين وروسيا، مما قد يعوق تحقيق تغييرات كبيرة على الأرض.
في هذا السياق، يكتب جاكوب موندي، الأستاذ المشارك ورئيس قسم دراسات السلام والصراع في جامعة كولجيت: “إذا سعت فرنسا والولايات المتحدة إلى جعل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعتمد مقترح الحكم الذاتي المغربي باعتباره السبيل الوحيد للمضي قدمًا، فمن المرجح أن يثيرا مقاومة من الصين، والأهم من ذلك، روسيا” .
إن الجزائر التي تشغل حالياً مقعداً غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تزيد من احتمالات رفض المجلس لخطة المغرب. وهذا يشير، كما يقول موندي، إلى أن “القليل من التغيير سوف يحدث على أرض الواقع في الصحراء الغربية”.
الاستنتاج:
تواجه الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تراجعاً في دعمها الدولي ومواجهة تحديات متزايدة في تحقيق استقلالها. بينما تكتسب خطة الحكم الذاتي المغربية تأييداً متزايداً، تظل القضية عالقة بين مواقف متباينة وتوترات إقليمية، مما يضع مصير الصحراء الغربية في مهب الريح، وفقا لتقرير حديث للمعهد الإفريقي للدراسات الأمنية ومقره بريتوريا، الذي كشف عن تصريحات مسؤولين جنوب إفريقيين كانت “متشائمة” حول طموحات الجبهة.