كشف استاذ الجيولوجيا وخبير المياه المصري عباس شراقي، الأضرار المائية والاقتصادية للتخزين الخامس في سد النهضة على مصر والسودان وإثيوبيا
وقال شراقي إنه في 17 يوليو 2024، بدأت إثيوبيا عملية التخزين الخامس والأخير في سد النهضة، بهدف الوصول إلى المنسوب النهائي للممر الأوسط الذي يبلغ 640 مترًا فوق سطح البحر.
يتوقع أن يصل إجمالي حجم التخزين إلى حوالي 64 مليار متر مكعب بحلول منتصف سبتمبر المقبل، إذا استمرت عملية التخزين. ويبلغ متوسط الإيراد اليومي من المياه عند سد النهضة في أغسطس حوالي 500-600 مليون متر مكعب يوميًا، بينما يتم تمرير حوالي 50-70 مليون متر مكعب فقط من خلال التوربينات، مما يشكل حوالي 10% من إجمالي الإيراد.
وحول الأضرار المائية والاقتصادية يقول شراقي:
1. التأثير على الموارد المائية:
أي كمية مياه يتم تخزينها في سد النهضة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، تعني خسارة مباشرة للمياه التي كانت في طريقها إلى السودان ومصر. هذا العام، تقدر كمية المياه المخزنة بحوالي 23 مليار متر مكعب، مما يعني خسارة كبيرة للموارد المائية كان من الممكن استخدامها في الزراعة. هذه المياه كانت ستساهم في زيادة الإنتاج الزراعي، مما كان سيحقق عائدًا اقتصاديًا يصل إلى مليار دولار لكل مليار متر مكعب من المياه.
2. التأثير على الزراعة والاقتصاد:
في مصر، أدت هذه الخسارة المائية إلى تقليص مساحة زراعة الأرز إلى حوالي 1.1 مليون فدان. كما تسبب في زيادة التكاليف الباهظة لإنشاء محطات معالجة مياه الصرف الزراعي، وتبطين الترع، وتطوير أنظمة الري الحقلي، والتوسع في استخدام الصوب الزراعية، وحفر آلاف الآبار للمياه الجوفية. كل هذه الإجراءات تمثل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا، إضافة إلى استنزاف جزء من احتياطي السد العالي.
بالنسبة للسودان، أدى التخزين إلى ارتباك في تشغيل السدود وتوقف زراعة الأراضي الفيضية على جانبي النيل الأزرق، حيث يعتمد المزارعون على فيضان النهر. نظرًا للظروف الحالية التي يمر بها السودان، لم يتم إنشاء شبكة ري للمزارعين، مما أدى إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية نتيجة لحجز الطمي في سد النهضة وارتفاع منسوب المياه الجوفية. كما زادت التكلفة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية بسبب الحاجة للتوسع في استخدام الأسمدة.
3. تأثير التخزين على إثيوبيا:
أما في إثيوبيا، فقد تسبب التخزين في غمر المزيد من الأراضي القابلة للزراعة، ولم يتم استغلال أي من هذه الأراضي للزراعة حتى الآن رغم وجود بحيرة للمياه للسنة الخامسة. بالإضافة إلى ذلك، غمرت بعض المناطق التعدينية، ولم تتمكن إثيوبيا من تشغيل جميع التوربينات الـ13 في السد، حيث اقتصر التشغيل على توربينين فقط وبشكل محدود.
تشير هذه الأضرار المائية والاقتصادية إلى التحديات الكبيرة التي تواجه مصر والسودان نتيجة التخزين المستمر في سد النهضة، كما تظهر أن إثيوبيا نفسها لم تحقق الاستفادة الكاملة من السد حتى الآن. تستدعي هذه الأوضاع المزيد من التعاون الإقليمي والحلول المستدامة لتقليل الأضرار وتجنب التصعيد في الأزمة المائية.