تواجه مصر أزمة حقيقية تهدد أمنها الغذائي، حيث يهدد نقص توريد قصب السكر بإنتاج أقل من احتياجات السوق المحلية. يطالب المزارعون برفع أسعار توريد قصب السكر، ولكن الحكومة تواجه صعوبات في تلبية هذه المطالب، مما يضعها في مواجهة مع قطاع زراعي مهم.
في 29 أغسطس، وافق مجلس الوزراء خلال اجتماعه بمدينة العلمين على تحديد الأسعار الاسترشادية لموسم 2025، حيث تم تحديد سعر توريد طن قصب السكر بـ2500 جنيه وسعر طن بنجر السكر بـ2400 جنيه.
وقد أشار المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، إلى أن هذه الأسعار تهدف إلى تشجيع المزارعين على زراعة المحاصيل الاستراتيجية وزيادة الإنتاجية، وذلك بناءً على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأكد الحمصاني أن هذه الأسعار ستساعد في سد احتياجات السوق المحلية وتقليل فاتورة الاستيراد، بالإضافة إلى تحسين دخل المزارعين وزيادة تشغيل المصانع.
ومع ذلك، فإن الأسعار المعلنة أقل من توقعات المزارعين، مما يثير القلق من تكرار أزمة التوريد التي شهدتها البلاد في الموسم الماضي، حيث انخفضت معدلات التوريد بشكل حاد مما اضطر الحكومة إلى استيراد مليون طن من السكر.
يعتبر موسم توريد قصب السكر وبنجر السكر، الذي يبدأ عادة في يناير وفبراير، حيويًا للحكومة، حيث أن أي انخفاض في التوريد يتطلب زيادة الاستيراد ويستنزف العملة الصعبة.
وفي إطار هذه الأزمة، طالبت جمعية منتجي قصب السكر بزيادة سعر توريد الطن إلى 3000 جنيه لتغطية تكاليف الإنتاج. وأوضحت الجمعية أن تكاليف إنتاج قصب السكر قد وصلت إلى حوالي 62 ألف جنيه للفدان، بينما سعر التوريد الحالي يغطي حوالي 59 ألف جنيه فقط، مما يعني خسارة قدرها حوالي 3000 جنيه يتحملها المزارع.
تسببت هذه الأوضاع في قيام بعض المزارعين بالبحث عن بدائل، مثل زراعة محاصيل أكثر ربحية أو بيع المحصول إلى عصارات تصنيع العسل الأسود التي تقدم أسعارًا أعلى من سعر الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، يشير المزارعون إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، بما في ذلك أسعار الأسمدة وسولار الري وأجرة العمالة، والتي تؤدي إلى مزيد من الضغوط المالية.
تتراكم مشكلات زراعة قصب السكر تدريجياً، حيث يهدد عدم كفاية الأسعار المحددة بتقليص الإنتاج، مما قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد ويزيد من الاعتماد على الاستيراد. تستهلك مصر حوالي 3.32 مليون طن من السكر سنويًا، ومع الاعتماد على استيراد هذه الكميات من دول محدودة مثل البرازيل والهند والصين وتايلاند، فإن أي أزمة مناخية تؤثر على إنتاج هذه الدول يمكن أن تؤدي إلى زيادة الأسعار وانخفاض الإمدادات المتاحة.
تشير هذه الأزمة إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات المتعلقة بأسعار توريد المحاصيل الزراعية لضمان تحقيق التوازن بين دعم المزارعين وتحقيق الأهداف الاستراتيجية في تأمين الإمدادات المحلية وتقليل الاعتماد على الاستيراد.