بدر الساري
كل شيء حول مصر يشتعل ، لكن مصر تقف لا مبالية !
ليس – لا سمح الله – لأنها متماسكة لا يعنيها ما يحدث من حولها ، بل لأنها متكلسة رافضة للتجديد !
التجديد المقصود هنا هو أن تستجيب للحرائق المشتعلة من حولها بتغييرات تحاول أن تلاحق بها الأحداث !
مثلا ، أن يتطور أداء المسؤولين الحكوميين المصريين و يصبح مواكبا لما يجري !
و أن يتغير الإعلام المصري و يجدد دمه و شخصياته لينتج خطابا عاقلا مسؤولا وطنيا ، و طنيا بمعنى الرؤية و ليست تلك الوطنية المتشنجة المفتعلة المزايدة التي تعبر عن نفسها بشتائم و سباب و اتهامات يطلقها ذلك الإعلام الذي تحول رموزه إلى نكات على لسان الصديق قبل العدو ..
كلنا شاهدنا فضيحة وزير الصحة المصري الذي حاورته صحفية أجنبية وفجأة باغتته بسؤال حول المسؤول عن فتح معبر رفح ، فإذا بالوزير حامل درجة الدكتوراة يرفع الراية البيضاء بمنتهى الفشل و العجز و المهانة ليقول : لست أدري !!
هذا التصريح ليس فقط مهينا للوزير الموظف الذي يقف كالتلميذ في المؤتمرات عندما ينادي الرئيس المصري على اسمه ، كباقي الوزراء ، بل إنه مهين للدولة المصرية .
لكن هذا التصريح غير مفاجئ ولا مستغرَب من مسؤول مصري يعلم جيدا أن تقارير الامن و ترشيحات الجهات السيادية هي فقط التي حملته إلى منصبه !
و أنه مجرد سكرتير .
و أنه ليس سياسيا !
و أنه مثل نظام ينتمي له يتباهى بكونه ليس سياسيا لأن السياسة ” كلام ” !
طبيعي إذن أن يفضح الوزير نفسه وبلده !
و عن الإعلام حدث ولا حرج !
هناك حرب في غزة و عدوان صهيوني على حدود مصر !
و لدينا حرب أهلية في السودان يجاهر أحد طرفيها ” حميدتي ” بالعداء لمصر !
و لدينا كذلك أزمة تتجدد فصولها في ليبيا باستمرار !
أي أن وضع مصر الإقليمي كله ” على كف عفريت ” كما يقول المثل المصري !
و مع ذلك ، فما يزال السامسونج هو الذي يدير المشهد الإعلامي !
و ما زالت ألسن الدولة المصرية هي نشأت الديهي و أحمد موسى و لميس الحديدي و غيرهم !
طبيعي إذن أن يلتمس المصريون توجهات السياسة وتحولات الإقليم من عمرو أديب لسان السعودية !
و منطقي أن تعود الجزيرة لتحتل شاشات مقاهي مصر !
رغم كل الملايين التي أنفقها النظام على فضائية ” القاهرة الإخبارية ” التي – ياللسخرية – أعلنت مع ظهورها أنها ستجعل القاهرة ” عاصمة الخبر ” !
الحقيقة أن إعلام مصر هو جزء من مصر !
تراجعه هو بعض تراجعها على كل الأصعدة !
و المهزلة التي يعيشها هي جزء من مهزلة عامة تعيشها الكنانة !
و حتى ينصلح الحال موت يا حمار ، كما يقول أصدقاؤنا المصريون !!
* بدر الساري : كاتب صحفي عراقي من فريق ” المنشر “