تصدر الفنان أحمد حلمي، مؤشرات البحث بعد أزمته الأخيرة إثر اللقطة العفوية التي حدثت له خلال تواجده في السعودية، حين سلّم على زوج كارمن سليمان وسأله عن جنسيته، ثم مازحه لأنه مصري ويجلس في الصف الأمامي من المسرح.
ولم يُعلق أحمد حلمي في بداية الأمر على تعليقات الجمهور، بشأن مزاحه مع زوج كارمن سليمان، وكذلك منى زكي، التي قررت- بعد ذلك اليوم- نشر «ستوري» عبر حسابها بـ«انستجرام»، لجملة قالها الممثل أنتوني هوبكنز، الذي قال فيها: «الناس حين لا يستطيعون التقليل منك أو السيطرة عليك، يحاولون تغيير النظرة التي يُنظر إليك بها»، ولكن لم تشر- منى زكي- إلى ما إذا كانت تُعلق على ما حدث مع حلمي أم لا.
أحمد حلمي، تعرض خلال الساعات الماضية لانتقادات حادة، وهجوم كبير، بسبب جملة قالها، أثناء عرض مسرحيته «بني آدم»، التي يتم عرضها ضمن موسم الرياض، ليتصدر الترند بمواقع التواصل الاجتماعي.
«مصري وقاعد صف أول.. أكيد معزوم»، تلك هي الجملة التي قالها حلمي وأثارت استياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بمقطع فيديو يظهر فيه- حلمي- أثناء عرض المسرحية، وهو يتحدث مع مصطفى جاد، ملحن أغنية مسرحيته، وزوج المطربة كارمن سليمان، وأظهر الفيديو أحمد حلمي، وهو ينكر معرفته بـ«جاد» قائلًا بمزاح: «أنت مين؟»، ليجيبه الأخير بأنه «مصري»، فيرد «حلمي» عليه بالعبارة الأزمة: «مصري وقاعد صف أول.. أكيد معزوم»، ما جعله يتعرض لانتقادات لاذعة، إذ اعتبر البعض أن حديثه هذا يسخر من المصريين، ويعد إساءة بالغة.
وفي العالم كله تقريباً وليست مصر وحدها، تُعدّ قوّة المال هي المُحدّد والمؤثر الأكبر في ناتج كل عمل، حتى إن كان ذلك العمل مبنياً بالأساس على موهبة صاحبه، فالمال الآن هو ما يجعل الموسيقى تُسمع والأفلام تُشاهَد والكرة تُلعَب، لأنه، واقعياً، يتحكم في أدوات الموسيقى وجودتها وقنوات التوزيع وانتشارها وصالات العرض ومشاهيرها وجوانب الملاعب المليئة باللوحات الإعلانية، وحتى قمصان اللاعبين.
ربما لن تكون تلك مشكلة كبرى إن توقف المال عند عتبة مساعدة العمل وتطويره وتحقيق طموحات صناعه، لكن الأمر الواقع يخبرنا بأن المال لن يتوقف عند أي عتبة، بالعكس فصاحب المال، شخصاً كان أم حكومة، توقف الآن عن اكتشاف المواهب لتحقيق طموحاتها، وبدلاً من ذلك اختار أن يحتكر المواهب الأكثر شهرة في بلادنا، أو صناعة أخرى “بلاستيك”، تناسب المقاسات التي يرغب فيها بالضبط.
من هنا بات الحظ في إنتاجات ترقى لتطلعات الجمهور وذات قيمة حقيقية، مربوطاً بشخصية صاحب المال نفسه، ويمكن رصد ذلك في مدى تدخّلاته في العمل وتوجيهه صوب رؤى خاصة أو من أجل أهداف شخصية للغاية أحياناً
وفي وقت سابق أعلن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه بالمملكة العربية السعودية عن تقديمه لمجموعة من الأفلام المصرية الجديدة وأعلن عن تقديمه لأربعة أفلام من بطولة النجم أحمد حلمي منها فيلم «النونو»، ولخص فكرته في فيديو عبر صفحته على موقع «فيسبوك» عن نصاب مصري ينصب عن المصريين في الحج والعمرة وما أن تم الإعلان عن فكرته حتى قوبل بعاصفة من الهجوم من قطاعات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي وقت سابق أقام الممثل المصري بيومي فؤاد، دعاوى قضائية ضد أصحاب المحال التجارية لإساءتهم له خلال أزمته المتعلقة بمسرحية زواج اصطناعي التي عرضت في شهر نوفمبر العام الماضي بالرياض.
ونشرت تلك المحال التجارية في ذلك التوقيت إعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان أسعارنا أرخص من بيومي فؤاد.
وكشف الفنان بيومي فؤاد، في تصريحات صحفية، أنه بعد أزمته الأخيرة قرر إقامة دعاوى قضائية ضد من تجاوزوا في حقه من أصحاب المحال التجارية، في إعلانات نُشرت على وسائل التواصل.
وأوضح أنه تقدم ببلاغات ضدهم وبعد إجراء التحريات من جانب مباحث الإنترنت وصلت بعض القضايا إلى المحاكم وتحديد جلسات لها بالفعل، مضيفًا: أريد أن أحصل على حقي بالقانون، ولن أتركه، فلا يمكن أن أصمت عندما يسبني أحدهم استغلالا للموقف.
وفي وقت سابق، نشر تركي آل الشيخ على حسابه على منصة إكس، صورة تجمع أنجح مخرجي المشهد الفني في مصر حالياً، وكتب معلّقاً: «مع نخبة من ألمع مخرجي مصر في لقاء مهم ستنعكس نتائجه قريباً».
كان من بين تلك النخبة المجتمعة في الصورة، مروان حامد، المخرج الشهير ونجل السيناريست الأشهر في تاريخ السينما المصرية الملتزمة تجاه قضايا مجتمعها الراحل وحيد حامد، الذي كانت أفلامه تشتبك بنديّة مع اليوميات السياسية والاجتماعية المصرية في التسعينيات ومطلع الألفية.
ولوحيد حامد عدد من الأحاديث التي كانت تهاجم «سينما المقاولات» التي تنتج من أجل بيع شرائط الفيديو في الخليج، وأيضاً هجومه على مصطلح «السينما النظيفة» التي أشاعها جوّ «خلجنة» المجتمع المصري وانحرافه نحو مساراتٍ كالوهابية وقيمها.
بين الأب والابن إذن تتضح ملامح المشهد، ومهرجانات الفن السعودي التي انهمرت على المشهد الفني في مصر مؤخراً، حيث كرمت فنانين مصريين، منهم أحياء ومنهم أموات، متجاهلة وحيد حامد، رغم كونه عاموداً فقرياً للفن المصري في العقود الأربعة الأخيرة.
هكذا تلتقي مصالح الدولة السعودية مع الفنانين في مصر. السعودية في مرحلة انتقالية إلى الحداثة والانفتاح، وهي لا تستطيع خلق نخبة من العدم، إلا أن تلك النخبة جاهزة وموجودة بالفعل لدى مصر التي تجاورها.
مصر التي يمتلك فنانوها قاعدة جماهيرية كبيرة، وإرثاً عريقاً في السينما المصرية بصفة عامة، وأفلام مصر ليست غريبة إطلاقاً على السوق السعودي، بل هناك علاقة متينة تعود إلى ستين عاماً أو أكثر بين هذه السينما والجمهور السعودي.
دائماً ما يتأسس المجال الثقافي السعودي بتوجيه من الحاكم الذي يصيغ المجال الثقافي على الشكل الذي يرضيه. يسيطر آل سعود على قدر كبير من المال يتيح لهم أن يفعلوا أي شيء يحلو لهم.
والصفقة واضحة منذ زمن طويل، قديمة قدم إنشاء الدولة نفسها منذ مئة عام، وقد بلغت ذروتها بعد الطفرة النفطية سنة 1973، تنصّ على أن يتخلى المواطنون عن الحق السياسي مقابل أن يحظوا بالرفاهية.
منذ السبعينيات، وبعد أن صادرت الدولة كل الحقوق السياسية الممكنة للمجتمع بأشكال مختلفة من القمع أو تقسيم الامتيازات، أصبحت الحركات الاحتجاجية الوحيدة الممكنة في السعودية هي حركات ذات صلة بالثقافة والمطالبة بطريقة عيش تُصنف بالليبرالية أو بـ«الغربية»، فأصبحت المعارضة المحيّدة سياسياً، معارضة ثقافية في الأساس، وتحولت المطالبة بالتغيير السياسي والعدالة الاجتماعية للمطالبة بالانفتاح الاجتماعي.
وهذا ما استجاب له محمد بن سلمان بشكل راديكالي أكثر من أعمامه الذين كانوا كلما تقدموا خطوة واجهوا صداماً حاداً مع رجال الدين.
ويشكل كمّ الأموال التي تصرف على الترفيه ركيزة أساسية في هذا المشروع السعودي «الحديث»، والذي أصبح الفنّ المصري بسبب سوقه الفقير وعزوف جماهيره عن أفلامه المُدجنة والتافهة، أحد أهم الواقعين تحت وطأة أحلام ولي العهد.