نجاة الرئيس الصومالي من محاولة اغتيال إرهابية وسط تعهدات بمواصلة الحرب ضد حركة الشباب
نجا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود من محاولة اغتيال استهدفت موكبه صباح يوم الثلاثاء في العاصمة مقديشو، حيث انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من القصر الرئاسي أثناء توجهه إلى جبهات القتال. أعلنت حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن الهجوم الذي أدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل من بينهم صحفي. الحادث استدعى ردود فعل عربية ودولية منددة، فيما أكد الرئيس الصومالي تمسكه بمواصلة الحرب ضد الإرهاب وتعهد بتقديم كافة أشكال الدعم للقوات المسلحة. يأتي هذا الهجوم في ظل معارك متواصلة بين القوات الحكومية ومسلحي حركة الشباب في مناطق وسط الصومال، وسط تقارير عن انتكاسات متتالية للحركة المتطرفة.
تفاصيل محاولة الاغتيال
وقع الانفجار الذي استهدف موكب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في حوالي الساعة 10:32 صباحًا (07:32 بتوقيت غرينتش) من يوم الثلاثاء، عندما انفجرت عبوة ناسفة على جانب الطريق عند تقاطع عيل جابتا في حي حمر ججب بالقرب من القصر الرئاسي في العاصمة مقديشو. وأفادت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الصومالية في بيان لها بأن موكب الرئيس كان في طريقه للانضمام إلى قوات الخطوط الأمامية في ولاية هرشبيلي (جنوب وسط) لتناول إفطار رمضان مع الجنود.
أدى الانفجار إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل، من بينهم صحفي، وإلحاق أضرار مادية بالمباني القريبة من موقع الانفجار، وفقًا لما أفاد به ضابط في الشرطة الصومالية تحدث لوكالة الأناضول شريطة عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح للإعلام. ورغم عنف الانفجار، أكدت الحكومة الصومالية أن “الهجوم فشل تمامًا، وواصل الرئيس طريقه دون أي عائق”.
وسارعت حركة الشباب إلى إعلان مسؤوليتها عن الهجوم، حيث قالت في بيان نُشر على قناة تيليغرام التابعة لها: “استهدف مقاتلونا موكبًا من المركبات يقل حسن شيخ محمود خلال مغادرته القصر الرئاسي متجهًا إلى المطار”. وبعد ساعات من الهجوم، عرضت وسائل الإعلام الرسمية صورًا للرئيس في منطقة عدن يابال في شبيلي الوسطى، حيث تحاول القوات الحكومية صد هجوم مستمر منذ ثلاثة أسابيع لحركة الشباب.
رد الرئيس الصومالي وتأكيد استمرار العمليات العسكرية
بعد نجاته من محاولة الاغتيال، أكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود على “مواصلة العمليات ضد الإرهاب”، مشددًا على أن “الجيش يواصل دكّ أوكار المتشددين وتحقيق انتصارات متتالية في ساحة المعركة”. وجاء ذلك خلال لقاء أجراه مع قيادة ولاية هيرشبيلي وضباط في الجيش الذين يقودون معارك ضد حركة الشباب في الولاية، بعد وصوله إلى مدينة أدن يبال في الإقليم.
وأعلن الرئيس الصومالي أن “الدولة ملتزمة بتقديم كل أشكال الدعم العسكري واللوجستي للقوات لمواصلة عملياتها ضد الإرهاب”. من جانبه، أكد حسين شيخ علي، مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي، أن “الرئيس بخير وموجود في الخطوط الأمامية للقتال ضد التنظيمات الإرهابية”، مشددًا على أن “هذا الوطن لا يمكن ترهيبه بالنفاق والأكاذيب المبالغ فيها”.
ردود الفعل العربية والدولية
أثارت محاولة اغتيال الرئيس الصومالي موجة من الإدانات والاستنكار على المستويين العربي والدولي، حيث سارعت العديد من الدول العربية إلى إدانة الهجوم والتعبير عن تضامنها مع الصومال.
إدانات الدول العربية
أدانت قطر في بيان لوزارة خارجيتها “الانفجار” الذي استهدف موكب رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، وجددت موقفها “الثابت الرافض للعنف والإرهاب، مهما كانت الدوافع والأسباب”، معبّرة عن تعازيها لذوي الضحايا ولحكومة وشعب الصومال.
كما أدانت الإمارات “بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف اغتيال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود”، وقال وزير الدولة الإماراتي شخبوط بن نهيان آل نهيان إن بلاده “تعرب عن استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وتتنافى مع القانون الدولي”.
وبـ”أشدّ العبارات”، أدان الأردن محاولة اغتيال الرئيس الصومالي، مؤكدًا على لسان الناطق باسم وزارة خارجيته سفيان القضاة “إدانة المملكة واستنكارها لجميع أشكال العنف السياسي، خاصّة التي تستهدف الشخصيات العامة والسياسية”. فيما أدانت مصر “الهجوم الإرهابي الذي استهدف موكب الرئيس الصومالي”، معربة عن استنكارها الشديد “لهذا العمل الإجرامي الإرهابي”.
خلفية الصراع وتحليل الأبعاد السياسية
تصاعد المواجهات بين الحكومة وحركة الشباب
تشهد المناطق الوسطى في الصومال منذ أواخر فبراير/شباط 2025 هجمات عنيفة تشنها حركة الشباب على مدن استراتيجية بهدف استعادة السيطرة عليها، وفي المقابل يشن الجيش الصومالي برفقة مسلحي العشائر حملة عسكرية لمواجهة هجمات الحركة. ويعتبر هجوم الثلاثاء أول هجوم يستهدف الرئيس محمود بشكل مباشر منذ عام 2014، خلال فترة ولايته الأولى، عندما قصفت الحركة فندقًا كان يتحدث فيه.
وتنفذ حركة الشباب، المرتبطة بتنظيم القاعدة، تفجيرات وهجمات مسلحة متكررة في الصومال ضمن مسعاها للإطاحة بالحكومة، وإقامة نظام حكمها الخاص على أساس متشدد. وقد أصدرت الولايات المتحدة قبل أيام تحذيرات من تحضيرات تجري لعمليات إرهابية ستستهدف مؤسسات حكومية ومطارات وموانئ في الصومال.
تحليل دوافع الهجوم وتداعياته
يرى محللون أن تصاعد العمليات التي تقودها حركة الشباب في الصومال هو محاولة للإيحاء بأنها ما تزال قوية ميدانيًا وأن الحملة التي تخوضها السلطات الصومالية لا تأتي أكلها. كما يشير المحللون إلى أن استهداف حركة الشباب للرئيس شيخ محمود هو في جانب منه رفع لمعنويات مقاتليها على جبهات القتال حيث يتعرضون لانتكاسات في أكثر من جبهة أمام الجيش الصومالي.
وفي المقابل، تؤكد الحكومة الصومالية أن “هذا العمل اليائس، الذي أسفر بشكل مأساوي عن سقوط ضحايا مدنيين، يُبرز تراجع قدرات الإرهابيين في ظل الهزائم المتتالية التي يتكبدونها على يد الجيش الوطني الصومالي”. ووفق تقرير ما يسمى مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2025، فإن العمليات العسكرية التي تقودها الحكومة الصومالية بالعاصمة والأقاليم حققت نتائج أمنية إيجابية، حيث خفضت من وتيرة هجمات حركة الشباب بمعدل 25 في المئة على مستوى البلاد.
جهود مكافحة الإرهاب والتطلعات المستقبلية
شددت الخارجية الصومالية على أن مهاجمة الرئيس الصومالي تزامنت مع مواصلة الجيش الوطني الصومالي تقدمه في عملياته العسكرية ضد حركة الشباب، طاردًا الإرهابيين من مخابئهم المتبقية في إقليم شبيلي الوسطى، وتحقيق القوات الوطنية انتصارات حاسمة. كما أكدت على أن “عزم الصومال على مكافحة الإرهاب لا يتزعزع، وأنه بوحدة الأمة ودعم الشركاء الدوليين الراسخ، سيتم التغلب على قوى التطرف بشكل حاسم، مما يمهد الطريق لمستقبل يسوده السلام والاستقرار”.
وأشار مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي حسين شيخ علي إلى أن “رفض الشعب الصومالي لتنظيم الشباب وتنظيم داعش الإرهابيين هو أكبر مكاسبنا”، مضيفًا أن “تعزيز الحوكمة ووحدة الهدف سيضمنان تحقيق النصر على هذه التنظيمات”.