تشهد السياسة النقدية في مصر تحولا محتملا مع تزايد التوقعات بخفض البنك المركزي لأسعار الفائدة خلال اجتماعه المقرر في 17 أبريل 2025، وذلك بعد تثبيتها عند 27.25% منذ مارس 2024.
وتقدر وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن يخفض البنك المركزي السعر تدريجيا ليصل إلى معدل فائدة حقيقي (معدل الفائدة الاسمي مطروحا منه التضخم) بنحو 4% بحلول نهاية العام المالي 2026.
يأتي هذا التوقع في ظل تراجع معدل التضخم السنوي إلى 13.6% في مارس 2025، مقارنة بـ33.4% قبل عام، مع تباطؤ التضخم الأساسي إلى 9.4%.
المسار الزمني لخفض الفائدة وأثره على خدمة الدين
تتوقع فيتش أن ينخفض سعر الفائدة الأساسي من 27.25% حاليا إلى 14% بحلول يونيو 2026، بنسبة خفض إجمالية تبلغ 12.75%.
وسيسهم هذا التخفيض في تقليل تكلفة خدمة الدين الحكومي، التي بلغت ذروتها عند 61% من الإيرادات العامة في 2026، مع توقع انخفاضها إلى 38% بحلول 2029.
ويعتمد هذا التقدير على متوسط آجال استحقاق الدين المحلي القصير (أقل من عامين)، مما يسمح بتأثير سريع لخفض الفائدة على التكاليف.
التفاعل مع معدل التضخم المستهدف
رغم تراجع التضخم، لا تزال الفائدة الحقيقية مرتفعة عند 13.65% (27.25% فائدة اسمية – 13.6% تضخم)، مما يمنح البنك المركزي هامشا لخفض محدود دون المساس بجاذبية أدوات الدين.
وتتوقع فيتش استمرار تباطؤ التضخم ليصل إلى 10.5% بنهاية 2026، مدعوما بسيطرة أكبر على السياسة النقدية واستقرار سعر الصرف بعد تحريره.
زيادة أسعار البنزين والسولار والبوتاجاز في مصر…كيف ستؤثر على المواطن؟
البنك المركزي المصري يحسم أسعار الفائدة
سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 7 أبريل 2025
سيناريو الخفض التدريجي مقابل التثبيت
يرجح د. هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، خفضا بمقدار 100-200 نقطة أساس في الاجتماع القادم، مستندا إلى ارتفاع الفائدة الحقيقية وتراجع مؤشر مديري المشتريات إلى 49.2 نقطة (أدنى من مستوى النمو).
في المقابل، يحذر من مخاطر التسرع في الخفض بسبب الضغوط التضخمية المحتملة من ارتفاع أسعار الوقود والرسوم الجمركية العالمية.
التوقعات الدولية والتنبؤات المتباينة
تتباين تقديرات المؤسسات المالية؛ فبينما تتوقع “جي بي مورجان” خفضا تراكميا بنسبة 6% بحلول يونيو 2025، تذهب “جولدمان ساكس” إلى توقعات أكثر جرأة بخفض 14.25% خلال العام.
في حين تجمع 11 بنكا استثماريا على خفض فوري يتراوح بين 1% و3% في أبريل، مع تأكيدهم على الحذر بسبب التقلبات التجارية العالمية.
العوامل المؤثرة على قرار البنك المركزي
يوازن البنك المركزي بين دعم النمو الاقتصادي المتوقع أن يرتفع إلى 4.7% بحلول 2026، والحد من التضخم. يشكل انكماش القطاع الخاص (مؤشر مديري المشتريات دون 50 نقطة) ضغطا لخفض الفائدة، بينما يفرض ارتفاع أسعار الوقود المخطط له لاحقا في 2025 مخاطر تضخمية.
الرسوم الجمركية الأمريكية
قد تؤثر الزيادة الأمريكية الأخيرة في الرسوم الجمركية على الصادرات المصرية وتدفقات الاستثمار، مما يزيد من حاجة البنك المركزي للحفاظ على جاذبية أدوات الدين أمام المستثمرين الأجانب.
كما أن ارتفاع سعر الدولار إلى 51.3 جنيها يعكس ضغوطا على الاحتياطيات، مما يستدعي الحذر في سياسة الخفض.
الآثار الاقتصادية المتوقعة للخفض
من المتوقع أن يؤدي خفض الفائدة إلى تخفيض تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد، مما قد ينعش الاستثمارات ويحد من تباطؤ النمو. تشير تقديرات إلى أن كل نقطة خفض في الفائدة قد تحفز نمو الناتج المحلي بنسبة 0.2%.
مخاطر التضخم ومسار العملة المحلية
رغم المكاسب المحتملة، يحذر خبراء من أن الخفض السريع قد يؤدي إلى ضغوط على الجنيه المصري، خاصة مع استمرار عجز الحساب الجاري البالغ 3.5% من الناتج المحلي.
كما أن الاعتماد على التدفقات الساخنة (الأموال قصيرة الأجل) يزيد من حساسية الاقتصاد لتقلبات الأسواق العالمية.










