أثارت تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها وزير الشباب الأوغندي بالام باروغاهارا موجة من الغضب والاستياء في الأوساط السياسية والشعبية في جنوب السودان، بعدما شبه الوضع العسكري في البلاد بـ”سوق مفتوح لشراء الرتب”، في إشارة مباشرة إلى تفشي الفوضى داخل المؤسسة العسكرية.
وقال الوزير الأوغندي خلال تصريحات علنية: “أوغندا ليست دولة يمكن للمرء فيها الذهاب إلى سوق مثل ‘كونجوكونجو’ أو ‘شركات’ وشراء رتب عسكرية ليصبح جنرالا”، في إشارة إلى أوضاع جنوب السودان، وهو ما اعتبر إهانة مباشرة للجيش الوطني والمؤسسات الأمنية.
غضب في جوبا وصمت رسمي
التصريحات فجرت حالة من الغضب الشعبي والرسمي في جوبا، على الرغم من عدم صدور أي بيان حكومي حتى الآن. واعتبر مراقبون أن هذه الإهانة قد تعمق الشرخ في العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة في ظل حساسية المرحلة السياسية والعسكرية التي تمر بها جنوب السودان.
ويعرف باروغاهارا بعلاقاته التجارية الواسعة في جنوب السودان، حيث راكم جزءا كبيرا من ثروته، ويمتلك إذاعة “راديو ون 87.9 إف إم” التي تبث من جوبا، إضافة إلى شركات تعمل في قطاعات المياه والعقارات.
رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي يتدخل في أزمة جنوب السودان
البرلمان الأوغندي يقر نشر قوات عسكرية في جنوب السودان
السودان: حميدتي يبحث دعم أوغندا في مواجهة الجيش
تحركات عسكرية وتدخل مباشر
يأتي هذا التصعيد الكلامي في وقت يشهد جنوب السودان توترا سياسيا داخليا متصاعدا بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه الأول رياك مشار، حيث تم اعتقال وزراء وقيادات عسكرية موالية للأخير مؤخرا، وفق تقارير إعلامية محلية.
وفي هذا السياق، عقد كير وموسيفيني قمة ثنائية في جوبا يوم الخميس 3 أبريل 2025، في ظل انتشار قوات أوغندية خاصة داخل العاصمة لتأمين الحكومة.
وقد صرح المتحدث باسم الجيش الأوغندي، اللواء فليكس كولايجي، أن هذه القوات لا تتبع قوات حفظ السلام، بل جاءت لدعم حكومة الوحدة الوطنية بقيادة كير، مؤكدا أن أي تهديد للرئيس “يعتبر تهديدا مباشرا لأمن أوغندا”.
تصريحات تهدد بإشعال الأزمة
من جانبه، صرح قائد الجيش الأوغندي، موهوزي كاينيروغابا، عبر منصة “إكس” (تويتر سابقا):
“نحن لا نعترف إلا برئيس واحد لجنوب السودان، وهو سلفاكير… وأي تحرك ضده يعني الحرب مع أوغندا”.
وتمثل هذه التصريحات أقوى إشارة على مستوى التدخل الأوغندي في الشأن الداخلي لجنوب السودان منذ اندلاع الأزمة الأخيرة.
مصالح اقتصادية وراء الدعم العسكري
تحتفظ أوغندا بمصالح اقتصادية كبيرة في جنوب السودان، خصوصا في قطاع النفط.
ووفق خبراء طاقة، تعتمد 40% من صادرات أوغندا النفطية على خام جنوب السودان، يدار جزء منه عبر شركات وهمية أوغندية. وبلغت التقديرات الرسمية 800 مليون دولار أنفقتها كمبالا على عملياتها العسكرية في جنوب السودان خلال العقد الماضي.
كما كشفت مصادر دبلوماسية عن خطة لنشر 5,000 جندي إضافي بحلول مايو 2025، مع إنشاء قاعدة عسكرية دائمة في منطقة راجا الحدودية، في خطوة ينظر إليها على أنها محاولة لتعزيز الهيمنة الإقليمية وسط فراغ أمني متزايد.