حذّر وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسينت، من تداعيات النموذج الاقتصادي الصيني القائم على التصدير، واصفاً إياه بـ”غير المستدام” وأنه لا يضر بالصين وحدها، بل بالاقتصاد العالمي ككل. وجاءت تصريحاته في سياق تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
وفي خطاب ألقاه الأربعاء في العاصمة الأمريكية، أكد بيسينت أن النموذج الصيني يولّد اختلالات تجارية كبيرة، ويهدد استقرار الأسواق العالمية، مشيراً إلى ضرورة العمل على معالجته عبر تعاون دولي.
ويأتي ذلك في وقت تتواصل فيه المواجهة التجارية بين الجانبين، إذ فرضت واشنطن رسوماً جمركية واسعة النطاق على الواردات الصينية في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وصلت في بعض الحالات إلى 145%، فيما ردّت بكين برسوم بلغت نسبتها 125% على سلع أمريكية.
وفي لقاء مغلق نظمه مصرف “جيه بي مورغان تشيس” مع مجموعة من المستثمرين، وصف بيسينت الحرب التجارية الحالية بأنها “غير مستدامة” بدورها، متوقعاً تهدئة محتملة في الأشهر المقبلة. وأوضح أن المفاوضات الرسمية لم تبدأ بعد، لكنه لم يستبعد إمكانية التوصل إلى اتفاق، رغم صعوبة المهمة في ظل ما وصفه بـ”التنافس الاقتصادي الشرس” بين الطرفين.
وأكد الوزير الأمريكي أن الصين تظل “أكبر منافس اقتصادي” للولايات المتحدة، وأن التحدي في التعامل معها لا يقتصر على الميزان التجاري، بل يمتد إلى قضايا أوسع تتعلق بسياسات الدولة الصناعية والتقنية.
ويقول مراقبون إن وتيرة ما يسمى بـ”الفصل الاقتصادي” بين البلدين تسارعت مؤخراً، متجاوزة نهج الحذر النسبي الذي طبع سياسة ترامب في فترته الأولى، لتتخذ العلاقة منحى أقرب إلى “حرب باردة اقتصادية” شاملة، مع تصاعد الإجراءات العقابية المتبادلة بين البلدين.
وعلى الرغم من هذا التصعيد، سجّلت التجارة الثنائية نمواً ملحوظاً. فقد ارتفعت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة من 3.86 مليار دولار في عام 1985 إلى نحو 427 مليار دولار في عام 2023، بينما بلغ إجمالي حجم التجارة بين البلدين 575 مليار دولار في 2023 و583 مليار دولار في 2024.
وتعتمد الصين في وارداتها من الولايات المتحدة على المنتجات الزراعية والطائرات والأدوية، فيما تركز صادراتها على الإلكترونيات والملابس والمعدات الصناعية.
وبينما تبقى الصورة المستقبلية للعلاقات الاقتصادية بين واشنطن وبكين ضبابية، يرى الخبراء أن استمرار التصعيد دون اتفاق قد يُدخل العالم في مرحلة جديدة من عدم الاستقرار الاقتصادي العالمي.