سجل قطاع التأمين في مصر قفزة ملحوظة خلال فبراير 2025، إذ أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية عن ارتفاع أقساط التأمين المحصلة بنسبة 41.7% لتصل إلى 9.6 مليار جنيه، مقارنة بـ6.7 مليار جنيه في نفس الشهر من العام السابق. وعلى الرغم من أن هذه المؤشرات تبدو إيجابية، إلا أن القراءة المتأنية تكشف تساؤلات أعمق حول طبيعة هذا النمو ومدى انعكاسه الحقيقي على حماية الاقتصاد والمواطنين.
قراءة تحليلية للنمو:
1. أثر التضخم وتآكل العملة:
الارتفاع الكبير قد لا يكون دليلاً على توسع حقيقي في التغطية التأمينية، بل انعكاساً لزيادة الأسعار، ارتفاع تكاليف إعادة التأمين، وتدهور قيمة الجنيه، مما يرفع من قيمة الأقساط لتغطية نفس المخاطر أو الأصول.
2. انتشار الخدمة بين فئات المجتمع:
من المهم التساؤل: هل هذا النمو يشمل توسيع قاعدة العملاء ليغطي شرائح أوسع، أم يتركز في تأمينات الشركات والممتلكات الكبرى، خاصةً وأن الأخيرة شكلت نسبة 44.2% من الزيادة؟ لا تزال نسبة انتشار التأمين في مصر منخفضة عالمياً، مما يعني بقاء العديد من الأفراد والأصول خارج نطاق الحماية.
3. تركيز على تحصيل الأقساط دون الاهتمام بالتعويضات:
رغم التركيز على نمو الأقساط، إلا أن قياس الأداء الحقيقي للقطاع يتطلب النظر إلى حجم وكفاءة صرف التعويضات، وهو ما يغيب عن كثير من التقارير، مما يطرح سؤالاً عن جودة الخدمات المقدمة.
4. مدى تلبية المنتجات التأمينية للاحتياجات الفعلية:
في ظل الأزمات الاقتصادية المتزايدة، تتزايد الحاجة لتغطيات مرنة ومبتكرة (صحية، ممتلكات، توقف أعمال). غير أن استمرار التركيز على القطاعات التقليدية قد يعني أن هذا النمو لا يعكس بالضرورة تلبية للاحتياجات الحيوية للمجتمع والاقتصاد.
بينما يشير نمو أقساط التأمين إلى ديناميكية رقمية لافتة، إلا أن تقييم الأثر الحقيقي لهذا النمو يتطلب فحصاً دقيقاً لعوامل مثل التضخم، انتشار الخدمات، كفاءة التعويضات، ومدى تلبية المنتجات للتحديات الاقتصادية الفعلية. فالتوسع الرقمي لا يكفي ما لم يترجم إلى حماية حقيقية ومستدامة للمواطنين والاقتصاد الوطني.











