قضية الطفل ياسين: تفاصيل واقعة الاعتداء في مدرسة دمنهور ومخاوف من التحشيد الطائفي
تشهد مصر تفاعلاً غير مسبوق مع قضية الطفل ياسين، الذي تعرض للاعتداء الجنسي داخل إحدى المدارس الخاصة بمدينة دمنهور في محافظة البحيرة. القضية التي بدأت المحكمة اليوم في نظرها أثارت مخاوف من تحولها إلى أزمة طائفية بعد استغلال البعض للخلفية الدينية للمتهم والضحية.
تفاصيل واقعة الاعتداء على الطفل ياسين
تعود الواقعة إلى شهر فبراير 2024، حيث تعرض الطفل ياسين.م.ع البالغ من العمر 5 سنوات للاعتداء الجنسي من قبل المتهم صبري.ك.ج.ا (79 عاماً) الذي يعمل مراقباً مالياً في مدرسة خاصة للغات بمدينة دمنهور. وبحسب التحقيقات، فإن الطفل تعرض لهتك عرضه عدة مرات داخل حمام المدرسة وداخل سيارة قديمة في جراج المدرسة.
واكتشفت والدة الطفل الواقعة عندما لاحظت رفض ابنها دخول الحمام، وبعد التدقيق معه تبين تعرضه لاعتداء جنسي من أحد العاملين بالمدرسة، فتقدمت الأم ببلاغ ضده. وأكد الطفل في التحقيقات أنه كان يخشى الحديث عن الواقعة بسبب تهديدات المتهم له.
وأشارت بعض المصادر إلى تورط إحدى العاملات في المدرسة في مساعدة المتهم، حيث كانت تأخذ الطفل وتسلمه للمتهم لكي يقوم بالاعتداء عليه، ثم تعيده إلى فصله الدراسي. ومع ذلك، نفت عاملة النظافة بالمدرسة جميانه رزق هذه الاتهامات في شهادتها، مؤكدة أنها لم تكن تعرف الطفل ياسين بالتحديد قبل القضية ولم تشاهد المتهم في دورات مياه الأطفال.
الإجراءات القانونية والتحقيقات
بدأت اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025 أولى جلسات محاكمة المتهم صبري.ك.ج.ا أمام محكمة جنايات دمنهور المنعقدة بمحكمة إيتاي البارود الابتدائية. وشهدت محيط المحكمة إجراءات أمنية مشددة، وتم فرض كردون أمني بمحيط المحكمة بالتزامن مع بدء المحاكمة.
وكان المستشار محمد الحسيني، المحامي العام لنيابات وسط دمنهور الكلية، قد قرر إحالة المتهم لمحكمة جنايات دمنهور بتهمة هتك عرض الطفل ياسين.م.ع على النحو المبين بأوراق القضية.
من جانبها، أكدت وزارة التربية والتعليم في بيان رسمي أنها تتابع بحرص التحقيقات الجارية في الواقعة. وقال المتحدث باسم الوزارة شادي زلطة إن الوزارة ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه المدرسة فور صدور حكم نهائي في القضية، بما في ذلك مساءلة الإدارة المدرسية والجهة المالكة.
كما كلف المجلس القومي للأمومة والطفولة محامين للدفاع عن الطفل ياسين، مما يؤكد اهتمام الدولة بالقضية والحرص على حماية حقوق الطفل ضحية الاعتداء.
البعد الطائفي للقضية وتحذيرات من الفتنة
أثارت القضية مخاوف من استغلالها طائفياً، خاصة مع انتشار معلومات تفيد بأن المتهم مسيحي والطفل مسلم. وأشارت بعض المصادر إلى أن المدرسة تأسست من قبل نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، في إطار دور المؤسسات الدينية للتنمية.
وحذر الكاتب والإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، من خطورة الانجراف وراء الدعاوى التي تستهدف تحويل الحادثة إلى صراع طائفي. وقال في تغريدة عبر حسابه على منصة إكس: “الحادث الذي وقع في إحدى مدارس البحيرة ضد أحد التلاميذ عمل إجرامي يستحق المحاسبة، ولكن استغلال الحادث طائفياً أمر مرفوض، فالمجرم يحاسب ويحاكم، ولكن تصوير الأمر وكأنه عمل طائفي، فهذه محاولة مقيتة لبث الفتنة”.
وأضاف بكري: “يبدو أن حلف المعادين يستغل حادث الطفل ويوظفونه بطريقة طائفية، ظناً منهم أن الناس لا تعرف حقيقتهم”.
وأوضحت مصادر أن القضية تم حفظها مرتين لعدم ثبوت الأدلة والطب الشرعي لم يحسم الواقعة، قبل أن تعود للظهور بعد أكثر من عام. كما حذرت من “صفحات تحريضية تستغل قضية الطفل ياسين لتصفية حسابات وإشعال مناخ الكراهية”.
كما وصفت المصادر القضية بأنها قد تكون بداية لتشكل “ملامح فتنة طائفية في مصر التي تشتهر بأن مجتمعها أقرب إلى التعايش”. وأضافت: “يترقب الملايين في مصر تحركاً قوياً من الدولة المصرية والجهات القضائية لحسم كل هذا الجدل… من أجل سد أبواب الفتنة”.
تفاعل الرأي العام وحملة “حق ياسين لازم يرجع”
أثارت القضية حالة من الغضب العارم لدى الرأي العام المصري، ودشن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حملة بعنوان “حق ياسين لازم يرجع” للمطالبة بمحاسبة المتورطين في الاعتداء على الطفل.
ونشر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أقوال صديقة والدة الطفل ياسين، مصحوبة بعدد من الصور لسيارة قديمة داخل جراج جانبي خاص بالمدرسة، حيث يُزعم أن بعض حوادث الاعتداء وقعت.
تمثل قضية الطفل ياسين اختباراً حقيقياً لقدرة المجتمع المصري على التعامل مع قضايا الاعتداء على الأطفال بشكل موضوعي بعيداً عن الاستقطاب الطائفي. ورغم المخاوف من استغلال القضية لإثارة الفتنة، إلا أن تحرك الجهات الرسمية وعلى رأسها القضاء المصري للفصل في القضية يُعد خطوة إيجابية نحو إحقاق الحق وتفويت الفرصة على من يحاولون استغلال مثل هذه الحوادث لزعزعة السلم الاجتماعي في مصر.
ويبقى الأمل معقوداً على قدرة مؤسسات الدولة على حماية حقوق الطفل ضحية الاعتداء من جهة، ومنع استغلال القضية طائفياً من جهة أخرى، مع ضرورة إخضاع كل المتورطين في الواقعة للمساءلة القانونية، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الطائفية.










