في خضم التوترات الأمنية التي شهدتها مناطق في جنوب سوريا، توجه الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، في زيارة مفاجئة إلى دمشق حيث التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الشعب. الزيارة التي جرت يوم الجمعة 2 مايو 2025 أثارت اهتماماً واسعاً نظراً لتوقيتها وسط أحداث عنف طائفية في جرمانا وصحنايا والسويداء.
تفاصيل اللقاء والمواقف المعلنة
وفقاً للبيان الرسمي الصادر عن الحزب التقدمي الاشتراكي، اتسم اللقاء بين جنبلاط والشرع “بالودية والحفاوة والصراحة”، حيث جرى استعراض التطورات الأخيرة في المنطقة. وأعرب جنبلاط عن ارتياحه للانفتاح العربي والدولي تجاه سوريا الجديدة، معتبراً أن هذا الانفتاح يساهم في تعزيز وحدة سوريا واستقرارها، وينعكس إيجابياً على استقرار لبنان.
وفيما يتعلق بالأحداث الأخيرة، أعرب الطرفان عن أسفهما للخسائر في الأرواح، وشددا على ضرورة اضطلاع الدولة السورية بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين. كما ثمّن جنبلاط جهود الحكومة السورية في التواصل والحوار مع مختلف مكونات الشعب السوري، مشدداً على أهمية دور أبناء طائفة الموحدين الدروز في مؤسسات الدولة وأجهزتها.
إسرائيل تهدد بحماية الدروز في جرمانا: نتنياهو يعلن الحرب على أحمد الشرع
سلطة أحمد الشرع الجولاني تضع الدروز السوريين تحت الحصار
موقف واضح من قضايا الدروز
وكشفت مصادر سورية لـ “المنشر الإخباري” عن أجواء بالغة التوتر سادت اللقاء الذي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بزعيم الحزب الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط، حيث أفادت المصادر بتهديدات مباشرة من الشرع بالدخول إلى السويداء وسحب السلاح “بالقوة”.
وأوضحت المصادر أن جنبلاط غادر الاجتماع “بامتعاض شديد” بعد فشله في الحصول على أي وعود من الشرع بوقف ما وصفته المصادر بـ “الحرب” ضد الدروز في سوريا. وكشف اللقاء عن استمرار نهج الشرع التصادمي تجاه الدروز وإصراره على سيادة دمشق على القرار في السويداء، وسط تصاعد التوتر بين الطائفة وسلطة دمشق.
وأشارت المصادر إلى أن الاتفاق الذي أُعلن سابقًا بين بعض الأطراف الدرزية وسلطة الشرع في دمشق لم يتحقق على أرض الواقع، وذلك بسبب مواقف الرفض الصادرة عن المرجعيات الروحية للموحدين الدروز، حكمت الهجري والمجلس العسكري في السويداء، اللذين يطالبان بحماية دولية للدروز.
دروز سوريا يهددون الشرع: حماية دولية أو مواجهة مفتوحة “فيديو”
حول المسألة الدرزية في فلسطين ولبنان وسوريا والمشروع الإسرائيلي
وفي سياق متصل، أصدرت غرفة العمليات المشتركة في السويداء بيانًا نفت فيه بشدة الأنباء المتداولة عن “تسوية” مع سلطة الأمر الواقع التي وصفتها بـ “الإرهابية”. وأكد البيان أن هذه الأخبار “عارية عن الصحة” وتهدف إلى “تشتيت أبناء الجبل والفتنة”، داعيًا إلى عدم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي “درءًا للفتن”.
وقوبلت زيارة جنبلاط إلى سوريا بغضب واستياء واسع من أهالي الطائفة الدرزية، الذين أصدروا بيانًا جاء فيه: “نعلن بصوت واحد رفضنا القاطع لأي تدخل خارجي في شؤوننا الداخلية، وخاصة زيارة السيد وليد جنبلاط، التي نرى فيها محاولة لزعزعة استقرارنا وإشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.”
وأكد البيان الدرزي رفض “أي محاولة للعب على وتر الطائفية أو استغلال الدين لأغراض سياسية مشبوهة”، وأي “صفقات تُعقد على حساب مصلحة شعبنا ووحدتنا الوطنية”.
ريف دمشق يشتعل: مقتل شيخ عقل الدروز وسط اشتباكات دامية في أشرفية صحنايا “فيديو”
إعدام حسام ورور رئيس بلدية صحنايا وولده رميا بالرصاص على يد عناصر نظام أحمد الشرع “فيديو”
وشدد على أن مناطق الدروز “كانت ولازالت أرضًا للتعايش والسلام”، محذرًا من “استغلالها أو استخدامها ورقةً في أي صراعات أو مكائد”، داعيًا إلى “احترام إرادة أبناء الطائفة والابتعاد عن أي خطاب يثير الفرقة أو يهدد السلم الأهلي”.
تداعيات أمنية وإقليمية
جاءت الزيارة بعد أيام من اشتباكات ذات طابع طائفي في مناطق بجنوب العاصمة السورية، بما في ذلك جرمانا وصحنايا، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. وفي هذا السياق، أفاد مصدر أمني سوري في درعا أن قوات إدارة الأمن العام بدأت الانتشار على الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء بهدف ضبط الأمن وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
وفي لبنان، شهدت دار طائفة الموحدين الدروز في بيروت اجتماعاً جمع شيخ عقل الطائفة الشيخ سامي أبي المنى بعدد من نواب الطائفة ومجموعة من سفراء الدول العربية، حيث تم نقل الهواجس المرتبطة بالأمن المجتمعي والسياسي للطائفة، خصوصاً في المناطق الحدودية.