في مشهد يبدو متناقضًا، أعلن الاقتصاد الأمريكي عن إضافة 177 ألف وظيفة جديدة في أبريل، متجاوزًا توقعات المحللين، بينما بقي معدل البطالة مستقرًا عند 4.2%. لكن هذه الأرقام الإيجابية تخفي واقعًا أكثر تعقيدًا، حيث شهد الاقتصاد انكماشًا مفاجئًا بنسبة 1.4% في الربع الأول من العام، وهو أول تراجع منذ ثلاث سنوات.
سوق العمل القوي في مواجهة تباطؤ الاقتصاد
تشير بيانات التوظيف إلى مرونة سوق العمل الأمريكي، حيث تجاوز عدد الوظائف المضافة التوقعات. ويُعتبر هذا المؤشر أحد العوامل التي تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى الحذر في قراراته بشأن أسعار الفائدة، رغم الضغوط المتزايدة من الرئيس ترامب لخفضها. ومع ذلك، فإن الانكماش المسجل في الناتج المحلي الإجمالي يثير تساؤلات حول مدى استدامة هذا النمو في الوظائف، خاصة مع تزايد المخاوف من تباطؤ اقتصادي أوسع.
تحديات أمام السياسة النقدية
يبدو الاحتياطي الفيدرالي عازمًا على الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة نسبيًا في ظل مؤشرات توظيف قوية، لكن هذا الموقف قد يتغير إذا استمرت علامات الضعف في النمو الاقتصادي. فمن ناحية، يساهم استقرار سوق العمل في احتواء التضخم، لكن من ناحية أخرى، فإن الانكماش الأخير قد يكون إنذارًا مبكرًا باضطرابات قادمة.
هل يمكن تفادي الركود؟
رغم التفاؤل الذي تثيره أرقام التوظيف، يرى بعض الخبراء أن الاقتصاد الأمريكي قد يكون على حافة مرحلة جديدة من التباطؤ، إن لم يكن ركودًا كاملًا. فالنمو في الوظائف قد يكون مؤقتًا، بينما تشير مؤشرات أخرى، مثل انخفاض الاستثمارات وتراجع النشاط الصناعي، إلى اتجاه سلبي أعمق.
تظهر البيانات الاقتصادية الأمريكية صورة متناقضة؛ سوق عمل قوي يواجه اقتصادًا متراجعًا. والسؤال الأهم الآن هو أي من هذين المؤشرين سيتغلب على الآخر؟ الإجابة قد تحدد ليس فقط مصير السياسات النقدية في الأشهر المقبلة، بل أيضًا اتجاه الاقتصاد العالمي ككل.











