يعيش دروز سوريا اليوم مرحلة دقيقة من تاريخهم تتسم بتعقيدات جيوسياسية متزايدة، حيث يجدون أنفسهم في قلب معادلة إقليمية شائكة بين النفوذ التركي والإسرائيلي، في ظل غياب ملحوظ للدور العربي الفاعل في إنهاء الازمة داخل سوريا ووقف عقد الانقسام وتمزيق الخارطة السورية، بعد اشتباكات بين سلطة احمد الشرع وفصائل درزية مسلحة في صحنايا وجرمانا بريف دمشق والسويداء معقل الدروز.
وتواجه الطائفة الدرزية، التي لطالما شكلت مكونا أصيلا من النسيج السوري، تحديات وجودية قد ترسم مستقبلها في المنطقة لعقود قادمة، وسط صراعات القوى الإقليمية والدولية التي تتخذ من الأراضي السورية ساحة لتصفية حساباتها الاستراتيجية.
من هم الدروز وأين يتواجدون في سوريا؟
تعود جذور الطائفة الدرزية إلى القرن الحادي عشر الميلادي، حيث تمثل هذه الطائفة إحدى الفرق المنبثقة عن المذهب الإسماعيلي في الإسلام الشيعي، مع اختلافات عقائدية وممارسات خاصة بها.
ويتركز وجود الدروز في سوريا بشكل أساسي في محافظة السويداء (جبل العرب) جنوب البلاد، بالإضافة إلى بعض القرى في ريف دمشق ومرتفعات الجولان.
يقدر عدد دروز سوريا بحوالي 700 ألف شخص، ويشكلون نحو 3% من سكان سوريا قبل الحرب، وقد عرفوا تاريخيا بارتباطهم الوثيق بهويتهم الوطنية السورية، مع الحفاظ على خصوصيتهم الثقافية والدينية.
وتميزت الطائفة الدرزية في سوريا بقدرتها على الحفاظ على هويتها الخاصة مع اندماجها في المجتمع السوري الأوسع، وقد كان لهم دور بارز في تاريخ سوريا الحديث ومقاومة الاستعمار الفرنسي.
احتجاجات في السويداء ضد سلطة أحمد الشرع: رفع علم الدروز وطرد المحافظ الجديد
تشكيل المجلس العسكري في السويداء: دروز سوريا في مواجهة انتهاكات سلطة الشرع
وقبل نحو قرن من الزمان، عرض عليهم الفرنسيون الحكم الذاتي، وهو عرض جذاب رفض في النهاية. وبدلا من ذلك، قاوموا الحكم الفرنسي بشراسة بين عامي ١٩٢٥ و١٩٢٧، ولعبوا لاحقا دورا بارزا في نضال سوريا من أجل الاستقلال عام ١٩٤٧ بقيادة سلطان باشا الأطرش. والآن، يجد الدروز أنفسهم في لحظة مفصلية أخرى، لكن الظروف تغيرت جذريا.
الدروز والموقف التركي: مخاوف من سياسات التغيير الديموغرافي
تنظر تركيا إلى المناطق الدرزية في سوريا من منظور استراتيجي يرتبط بمساعيها لتوسيع نفوذها في جنوب سوريا. فمنذ بداية الأزمة السورية في 2011، سعت أنقرة إلى بناء شبكة من العلاقات مع مختلف المكونات السورية.
لكن العلاقة بين تركيا والدروز تتسم بالتوتر، إذ تنظر الطائفة الدرزية بريبة إلى السياسات التركية، خاصة بعد اتهامات بدعم أنقرة سلطة أحمد الشرع في جنوب سوريا بالهجوم على مناطق الدرزية في الأيام الأخيرة ومحاولة تركيا ووسائل الاعلام العربية الداعمة لسلكة احمد الشرع تحويل الصراع من “سوري- سوري” إلى إسرائيلي سوري، وشيطنة الطائفة الدرزية التي تواجه هجمات مسلحة من قبل المتطرفين واعتقال المئات من أبناء الدروز علي يد سلطة احمد الشرع، وتكرار ما حدث في الساحل السوري للطائفة العلوية.
إن الصدمات الماضية، بدعم تركيا هيئة تحرير الشام للاستيلاء على أراضي الدروز في إدلب بعد تنفيذ مجزرة قلب لوزة عام ٢٠١٥ التي قتل فيها ٣٠ درزيا على يد مسلحي جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، جعلتهم لا يحملون أي قدر من الثقة بما تقدمه تركيا وسلطة احمد الشرع.
دروز سوريا يهددون الشرع: حماية دولية أو مواجهة مفتوحة “فيديو”
شيخ طائفة الموحدين الدروز في سوريا يدعو لوقف فوري للاقتتال في الساحل السوري
وتقول مصادر درزية لـ المنشر الاخباري، إن تركيا لعبت دورا كبيرا في مجزرة قلب لوزة عام 2015 بمناطق الدروز في إدلب وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى تهجير الدورز من إدلب وإعادة صياغة التركية السكانية في مناطق شمال سوريا المحاذية لتركيا وهو ما تكرر في مناطق أخرى ذات غالبية كردية بتهجير سكاتها كما حدث في عفرين وعين العرب “كوباني”، عبر منح الأراضي للتركمان والإيغور والأجانب المتطرفين بما يخدم المخط التركي.
وكشفت المصادر أن “هناك مخاوف حقيقية لدى دروز السويداء من محاولات تركية لتغيير التركيبة الديموغرافية في مناطق متاخمة لمناطق نفوذهم، من خلال إعادة توطين نازحين من مناطق أخرى، وهو ما يراه الدروز تهديدا مستقبليا لوجودهم”.
وفي هذا السياق، تحاول تركيا استمالة الشيخ ليث البلعوس ابن الشيخ وحيد البلعوس احد ابرز رجالات الكرامة من الدروز والذي وقف ضد نظام شار الأسد وتقديمه على انه ممثل الطائفة الدرزية فيما يراه كثير من الدروز ورقة تركية تعمل على تفريق وحدة الصف الدرزي وإخراج الدروز من المعادلة تحت شعار “فرق تسد” وهو ما كان واضحا من خلال لقاءت البلعوس الابن مع سلطة احمد الشرع في الأيام الأخيرة، والتروج له على انه يرفض الدعم الإسرائيلي ويؤكد على وحدة سوريا وتسليم سلاح الفصائل الدرزية لسلطة دمشق.
أما الديناميكية المهمة الثانية فهي فصيل ماهر شرف الدين وأنصاره، الذي يضم أقل عدد من الأتباع، لكنه حصل على الدعم من بعض الدول العربية الرئيسية.
يذكر أن شرف الدين كان يقيم في قطر، الداعم الرئيسي لحرب تغيير النظام في سوريا، قبل أن يستدعيه الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام، للعودة إلى دمشق. إلا أن علاقاته الجيدة بالإدارة الجديدة تضعف بشكل كبير فرصه في قيادة الدروز. ومثل الشرع، يكرر شرف الدين مواقفه التي تؤكد على “وحدة الأراضي السورية”.
يشير استقبال الشرع لشرف الدين في قصر الشعب، بالإضافة إلى تصريحاته عقب الزيارة، وظهوره مع ممثلي دبلوماسيين من بعض الدول العربية، إلى أنه يحافظ على علاقة تعاون مع الحكومة الجديدة. ويتجلى هذا التوافق أيضا في منشوراته على موقع X، والتي يعتقد الكثيرون أنها تحظى بدعم تركيا.
وفي المقابل يقف الزعيم الروحي للطائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري في مواجهة المخططات التركية الداعم لسلطة أحمد الشرع في مناطق الدروز والتي تهدف إلى احداث تغيير ديمغرافي في مناطق جوار إسرائيل بما يخدم المخطط الإسرائيلي والتركي، عبر اظهار حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالمدافع عن سوريا في مواجهة إسرائيل وهو ما يعطي شرعية “الشارع” لأحمد الشرع الفاقد للشرعية في سوريا.
يشير أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الكردية، المدعومة من الولايات المتحدة، أبدت اهتماما بالقضية الدرزية، وأن ممثلين أكرادا زاروا السويداء قبل أشهر من تشكيل المجلس العسكري رسميا.
ورغم عدم وجود تحالف رسمي، فإن التشابه بين علم المجلس العسكري وعلم المنطقة الكردية يشير إلى درجة من التوافق الأيديولوجي، وهو ما يكشف عن دولة سورية بين المكونات غير “سنة سوريا” في سوريا من الاكراد والعلويين والدروز، والمسيحيين، مناطق بجنوب سوريا خاصة درعا التي تعد من ابرز المناطق المناهضة لسلطة الشرع.
إسرائيل ودروز سوريا: علاقة مركبة وحسابات معقدة
يتخذ الموقف الإسرائيلي من دروز سوريا منحى أكثر تعقيدا، نظرا للعلاقة الخاصة التي تربط إسرائيل بالدروز داخل أراضيها وفي الجولان المحتل. تنظر تل أبيب إلى دروز سوريا كورقة محتملة في معادلة النفوذ الإقليمي، خاصة في مواجهة النفوذ الإيراني “الخامل” في سوريا.
وقالت الحكومة الإسرائيلية إن العملية كانت بمثابة تحذير، وطالبت السلطات السورية بمنع إلحاق الأذى بالدروز.
وأفادت التقارير أيضا بإصابة ثمانية أشخاص على الأقل بعد أن ضربت نحو 15 غارة جوية مناطق متعددة في سوريا بعد منتصف ليل السبت، مع إصابة ما لا يقل عن ثماني هجمات بالعاصمة دمشق.
نتنياهو: لا مكان للسلاح في جنوب سوريا لضمان أمن إسرائيل
الجيش الإسرائيلي ينشر قواته في جنوب سوريا بدعوى حماية بن معروف
وقالت السلطات السورية إن قوات الأمن انتشرت في أشرفية صحنايا لاستعادة الأمن والاستقرار، واتهمت ما وصفته بـ”مجموعات خارجة عن القانون” متمركزة هناك بالتحريض على الاشتباكات.
لكن الزعيم الروحي للدروز في سوريا الشيخ حكمت الهجري أدان العنف ووصفه بأنه “حملة إبادة جماعية غير مبررة” وقال إن الناس كانوا يدافعون عن منازلهم من هجمات المتطرفين.
وصدر مساء اليوم السبت 3 مايو 2025 بيانان متزامنان عن الرئاسة الروحية للطائفة، ممثلة بالشيخ حكمت الهجري، ومشيخة العقل، ممثلة بالشيخ يوسف جربوع وسماحة الشيخ حمود الحناوي، أكد فيهما المشايخ على سلسلة بنود تم الاتفاق عليها مع بقية المرجعيات الاجتماعية وقادة الفصائل العسكرية في السويداء.
تعد هذه البنود بمثابة تفاهمات أولية، ركزت على منع دخول أي قوات من خارج السويداء، وتفعيل دور الشرطة والضابطة العدلية من أبناء المحافظة حصرا، وتأمين طريق دمشق–السويداء، ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة فورا.
ويعد هذا الإعلان توافقا على صيغة موحدة بين مرجعيات السويداء وقياداتها، وليس اتفاقا ناجزا، إذ إن هذه البنود تحتاج إلى فترة لتطبيقها، في حال سارت الأمور بشكل إيجابي، ولم تحدث أي عرقلة في تنفيذ التفاهمات.
من جانبه، صرح محافظ السويداء، مصطفى بكور، بأن الحكومة وافقت على الطلبات الصادرة عن اجتماع مشايخ وقادة الطائفة في السويداء يوم الخميس الماضي، مؤكدا عدم دخول أي قوات من خارج المحافظة، ومشددا على أحقية مطالب أهالي السويداء بأن يكون جميع عناصر الشرطة والضابطة العدلية من أبناء المحافظة.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل ما لا يقل عن 101 شخص هذا الأسبوع في أشرفية صحنايا، وهي ضاحية جرمانا ذات الأغلبية الدرزية، ومحافظة السويداء الجنوبية التي تضم أغلبية درزية.
وقالت مجموعة المراقبة التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها إن العدد يشمل 71 عضوا من الطائفة الدرزية، بما في ذلك 10 مدنيين و35 مسلحا قتلوا بالرصاص في “كمين” أثناء سفرهم من السويداء إلى دمشق يوم الأربعاء، بالإضافة إلى 30 عضوا من قوات الأمن والجماعات المسلحة المتحالفة معها.
توضح الدكتورة رنا خالد، الباحثة في شؤون الأقليات الدينية في المنطقة: “تحاول إسرائيل استمالة دروز سوريا من خلال استغلال حالة عدم الاستقرار وتصوير نفسها كحام محتمل لهم في مواجهة التهديدات المختلفة، سواء من الجماعات المتطرفة أو من القوى الإقليمية الأخرى”.
وقد أشارت تقارير إعلامية متعددة إلى قيام إسرائيل بتقديم مساعدات إنسانية لقرى درزية في الجولان السوري والمناطق المتاخمة، في محاولة لبناء جسور تواصل مع هذه المجتمعات.
لكن هذه المساعي الإسرائيلية تواجه رفضا واسعا من غالبية الدروز السوريين الذين يؤكدون على هويتهم السورية ويرفضون أي محاولات لاستمالتهم في اتجاه مخالف لمصالح وطنهم.
الغياب العربي: فراغ استراتيجي يهدد مصالح الدروز
في ظل التجاذبات التركية والإسرائيلية، يبرز بشكل جلي غياب الدور العربي الفاعل في دعم دروز سوريا والحفاظ على أمنهم ومصالحهم. فمنذ بداية الأزمة السورية، انشغلت الدول العربية بأزماتها الداخلية وبحساباتها الإقليمية المعقدة، مما أدى إلى تهميش قضايا مكونات مهمة كالدروز.
يقول مصدر بمكتب الشيخ حكمت الهجري لـ المشنر الاخباري، إن: “الغياب العربي عن المشهد الدرزي في سوريا يعكس حالة التفكك العربي العامة، وعدم وجود استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع الأزمة السورية بكافة أبعادها. هذا الفراغ يدفع مكونات كالدروز للبحث عن بدائل لحماية وجودهم، وهو ما قد يضر بمصالح الجميع على المدى الطويل”.
وتشير مصادر محلية إلى أن الانكفاء العربي عن دعم الدروز السوريين قد يؤدي إلى تقويض قدرتهم على الصمود في وجه التحديات المختلفة، من ضغوط اقتصادية حادة إلى تهديدات أمنية متصاعدة، خاصة في ظل الوضع المتدهور عموما في سوريا.
أيضا حذر المصدر أن غياب أي دور عربي في التدخل على خط الازمة يهدد بتقسيم سوريا، وتحولها إلى دوليات متصارعة ومتنافرة في ظل سيطرة تركيا وقطر على استراتيجيات وسياسة سلطة احمد الشرع والذي يعد مجرد “منفذ” لسياسات انقرة والدوحة في دمشق، وهو ما يمنح المكونات السورية الحق في الدفاع عن أنفسها والتوجه إلى قوى إقليمية ودولية في الدفاع عن وجودها التاريخي في سوريا والمنطقة.
وقد برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة تشكيل مجموعات محلية لحماية الذات، كرد فعل على تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا منذ 2011 لدفاع الدروز عن وجودهم وأرضهم وعرضهم.
وقال الشيخ كمال عبود، أحد وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء لـ المنشر الاخباري “نحن لا نثق بأي طرف خارجي، سواء كان تركيا أو إسرائيليا أو غير ذلك. تجاربنا التاريخية تعلمنا أن نعتمد على أنفسنا لحماية مناطقنا وهويتنا”.
تحديات أمنية واقتصادية متصاعدة
إن هدف الدروز الوحيد اليوم، كما في التاريخ، هو حماية أنفسهم. ولطالما رفعت الطائفة شعار “حماية الأرض والعرض”. بمعنى آخر، يتصرفون بنية مزدوجة: حماية جغرافيتهم وشعبهم من جميع أنواع التهديدات.
لهذه الأسباب، رفض الدروز نزع سلاح هيئة تحرير الشام أو السماح لها بدخول مناطقهم دون ضمانات دستورية. وتجلى مقاومتهم في جرمانا، حيث منع الدروز علنا مسلحي الهيئة من دخول منطقتهم.
ويواجه دروز سوريا اليوم سلسلة من التحديات الأمنية والاقتصادية التي تهدد استقرارهم. فعلى الصعيد الأمني، تشهد مناطق مثل السويداء عمليات خطف وابتزاز من قبل عصابات مسلحة، فضلا عن مخاوف من استهداف من قبل الجماعات المتطرفة.
أما اقتصاديا، فتعاني هذه المناطق من ارتفاع معدلات البطالة وتدهور مستويات المعيشة نتيجة الحصار الاقتصادي المفروض على سوريا والعقوبات الدولية التي أثرت على مختلف مناطق البلاد.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، ظهرت مبادرات محلية للحفاظ على التماسك المجتمعي وتعزيز الاعتماد على الذات. يقول فراس نصر، أحد الناشطين المدنيين من السويداء: “نحاول بناء اقتصاد محلي يعتمد على الموارد المتاحة وتطوير المشاريع الصغيرة للتغلب على الأزمة الاقتصادية، لكن التحديات كبيرة في ظل غياب الدعم الدولي والعربي”.
مستقل دروز سوريا: سيناريوهات متعددة وتحديات متشابكة
مع استمرار الأزمة السورية وتعقيداتها الإقليمية، تبرز عدة سيناريوهات لمستقبل دروز سوريا:
سيناريو الاستقرار النسبي: في حال نجاح الجهود الدولية والإقليمية لإنهاء الصراع السوري، قد تتمكن المناطق الدرزية من استعادة استقرارها تحت سلطة مركزية معززة، مع ضمانات لخصوصيتها الثقافية والإدارية.
سيناريو الحكم الذاتي المحلي: في حال استمرار ضعف الدولة المركزية، قد تتجه المناطق الدرزية نحو مزيد من الحكم الذاتي المحلي، مع بناء علاقات براغماتية مع مختلف الأطراف الإقليمية.
سيناريو الاستقطاب المتصاعد: يمثل هذا السيناريو الأخطر، حيث تتحول المناطق الدرزية إلى ساحة صراع بين القوى الإقليمية، مما يهدد أمن واستقرار هذه المناطق ووجود الطائفة نفسها.
يقول الدكتور مازن الحريري، الخبير في الشؤون الاستراتيجية: “مستقبل دروز سوريا مرتبط بمستقبل سوريا ككل. لكن المجتمع الدولي والدول العربية تتحمل مسؤولية خاصة في حماية هذا المكون التاريخي من النسيج السوري، باعتباره جزءا من التنوع الثقافي والديني الذي يميز المنطقة”.
حاجة ملحة لاستراتيجية عربية
وسط هذه المعادلة المعقدة، تبرز الحاجة الملحة لاستراتيجية عربية فاعلة تجاه دروز سوريا وباقي المكونات السورية.
فالغياب العربي عن هذا المشهد يترك فراغا تملؤه قوى إقليمية قد لا تتوافق مصالحها مع المصالح العربية العامة.
إن حماية التنوع السوري بكافة مكوناته، بما فيها المكون الدرزي، ليست مسؤولية سورية فحسب، بل هي مسؤولية عربية ودولية. فهذا التنوع يمثل ثروة حضارية وثقافية يجب الحفاظ عليها في مواجهة مشاريع التقسيم والتفتيت التي تستهدف المنطقة بأكملها.
في النهاية، يبقى صمود الدروز في سوريا، كما كان عبر تاريخهم الطويل، مرهونا بقدرتهم على التكيف مع المتغيرات المحيطة، وباستعادة الدور العربي الفاعل في المنطقة، وبوضع استراتيجية شاملة تضمن الاستقرار والتنمية لسوريا بكافة مكوناتها.
